الدليل الكامل لصناعة المحتوى - الجزء الرابع

لقد تحدَّثنا في الجزء الثالث من المقال عن تخطيط المحتوى ووضع استراتيجية له وعن إعداد خطة المحتوى، وسنتحدَّث في هذا الجزء الرابع الأخير عن عملية صناعة المحتوى وأدوات صناعة المحتوى.

عملية صناعة المحتوى

نحن المسوِّقون مشغولون، وليس لدينا وقت لنضيِّعه على أنظمة غير فعَّالة، ولهذا السبب ننشئ عمليات لكل ما نقوم به، ونبتكر نظاماً ونطرحه ونعدِّله حتى ينجح، ثمَّ نكرِّر هذا النظام إلى أن نحقِّق النتائج التي نريدها، وفكِّرْ في كل حملة تسويقية أطلقتها، مثل الندوات من خلال الإنترنت، والردود التلقائية، والاستطلاعات، ولقد أطلقت كل حملة في إطار عملية، وإنشاء المحتوى لا يختلف، فاتَّبِعْ هذه الخطوات لإنشاء محتواك بمزيد من الثقة:

1. إجراء بحث الكلمات المفتاحية

من المحتمل أنَّك حصلت على بعض الأفكار من إنشاء شخصية المشتري حول الموضوعات التي يجب الكتابة عنها، والأسئلة التي قد تكون لدى جمهورك، وهذه بداية رائعة، والآن أنت بحاجة إلى التأكد ممَّا إذا كان من الممكن تطبيق هذه الأفكار على نطاق أوسع على جمهور أكبر، بالتأكيد سيكون من الرائع كتابة مقالة موجَّهة لشخص واحد، ولكن هذا استنزاف للطاقة.

إلا أن بحث الكلمات المفتاحية سيظهر لك حجم البحث لعبارة كلمة مفتاحية معيَّنة، وما إذا كان الأمر يستحق الاستثمار في إنشاء جزء من المحتوى مرتبط بها، وإحدى الطرائق الجيدة للبحث عن الكلمات المفتاحية هي كتابة بعض الأسئلة التي تراود شخصية المشتري بناءً على العقبات والأهداف، وبعد ذلك أجرِ بحثاً عن الكلمات المفتاحية حول هذه الاستعلامات لمعرفة ما إذا كان يبحث عنها عدد كافٍ من الأشخاص، ومن الطرائق الجيدة استهداف الكلمات المفتاحية التي يمكن الوصول إليها، أي التي لديها حجم بحث شهري وصعوبة تتوافق مع سلطة نطاقك.

ولن تنفعك محاولة استهداف كلمات مفتاحية كبيرة الحجم (تنافسية للغاية) إذا كنت قد بدأت للتو في التدوين، وقبل أن نذهب أبعد من ذلك، دعنا ننتقل إلى شرح سريع وبسيط لتحسين محركات البحث:

أحد العوامل الهامة التي تساعدك على التصنيف في محركات البحث هو سلطة النطاق، ويمكنك الحصول على سلطة النطاق بزيادة عدد المواقع الخارجية المرتبطة بمحتواك، ولتحقيق ذلك يجب أن يكون لديك مكتبة كبيرة جداً من المحتوى القيِّم للاستشهاد به، وهذا يعني أنَّه كلما كتبت محتوى عالي الجودة مدة أطول، زادت سلطة نطاقك وأصبح من الأسهل الحصول على تصنيف في الصفحة الأولى من صفحات نتائج محرك البحث جوجل بفضل الكلمات المفتاحية ذات التنافسية العالية، وأفضل ما يمكنك فعله هو استهداف كلمات مفتاحية طويلة الذيل ومنخفضة الحجم مع الحد الأدنى من صعوبة الكلمات المفتاحية، أي قرابة 200-1000 عملية بحث شهرياً، ويمنحك هذا أفضل فرصة للحصول على تصنيف بفضل الكلمات المفتاحية وعرض محتواك على مزيد من الأشخاص، وهناك عدة طرائق لإجراء بحث عن الكلمات المفتاحية، منها:

• استخدام أدوات البحث عن الكلمات المفتاحية، مثل سيمرش (SEMRush) أو مستكشف الكلمات المفتاحية من أداة موز (Moz).
• كتابة كلمتك المفتاحية في محرك البحث وملاحظة الاستعلامات التي يملؤها محرك البحث تلقائياً.
• النظر إلى قسم عمليات البحث ذات الصلة في صفحات نتائج محرك البحث (SERPs).

2. ابتكار الأفكار

الآن بعد أن حدَّدت الكلمات المفتاحية التي تريد استهدافها، فقد حان الوقت لابتكار الأفكار حول المحتوى، وأفضل طريقة لتنظيم المحتوى هي من خلال مجموعات الموضوع (topic clusters)، أي عليك إنشاء صفحة أساسية طويلة وشاملة بناءً على كلمة مفتاحية ترتبط بعد ذلك بالمحتوى الذي أنشأته حول الموضوعات الفرعية ذات الصلة (مثل المقالات)، واستخدِمْ كلمتك المفتاحية لإنشاء جزء أساسي يتناول موضوعاً بالتفصيل، مثل دليل لإنشاء المحتوى، وبعد ذلك أنشِئْ أجزاءً أقصر من المحتوى مثل:

• الرسوم البيانية.
• مقالات المدونة.
• القوالب.

يساعد هذا جمهورك على التعمُّق في الموضوع، واستهداف الكلمات المفتاحية الطويلة، وإذا كنت في حيرة من أمرك بشأن الأفكار، فابحَثْ عن الإلهام من الكتب التي قرأتها، أو الدراسات في مجال عملك، أو مواقع منافسيك، أو عمليات البحث ذات الصلة في صفحات نتائج البحث، وبعد كتابة كل أفكارك، ضع تقويماً تحريرياً وابدأ في الإنشاء.

3. الكتابة

قد تكمن قوة إنشاء محتواك في مقاطع الفيديو أو الرسومات أو المدونات الصوتية، ولكن الكتابة هي أساس معظم إنشاء المحتوى، ومهما كان المحتوى الذي تنشئه، فإنَّ عملية الإنشاء تتبع بعض الإرشادات المتشابهة إلى حد بعيد، ودعنا نستعرض بعض النصائح المفيدة لإنشاء محتوى رائع.

اكتب لشخصية المشتري

استخدِمْ أصواتهم وعباراتهم وحتى روح الدعابة التي يتمتعون بها لإنشاء محتوى يروقهم.

أخبرْ جمهورك عن فائدة محتواك لهم

استخدِمْ العناوين والأوصاف التعريفية والإعلانات التشويقية الأخرى لإقناع جمهورك بقراءة محتواك، وأظهِرْ فائدة محتواك في العنوان لإعلامهم بأهمية قراءة النص.

اصنَعْ شيئاً فريداً

لا تجدد المعلومات الموجودة وحسب؛ بل أضِفْ أسلوبك الفريد أو استشهِدْ بأبحاث جديدة للتأكيد على أفكارك.

تمسَّك بفكرة واحدة

ركِّزْ على فكرة واحدة ثمَّ استخدِمْ محتواك لتعزيزها، ولا تربك القارئ بشرح عدة موضوعات شبه مترابطة في قطعة واحدة.

لا تغيِّرْ أسلوبك

لا تحاول إثارة إعجاب جمهورك بالبلاغة والمفردات المنمَّقة إذا كانوا لا يتكلمون بهذه الطريقة.

كن واضحاً وموجزاً

غايتك هي أن يفهمك جمهورك ويحصل على قيمة من محتواك، لذا لا تستخدم مصطلحات متخصِّصة.

استثمِرْ أدوات الذكاء الاصطناعي

تساعدك أدوات الذكاء الاصطناعي على إنشاء المقالات ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، ويمكنك إعلام أدوات الذكاء الاصطناعي بطول النص والأسلوب ومستوى صعوبة القراءة للحصول على النتائج التي تريدها.

4. التحرير

الطريقة التي تحرِّرْ بها عملك (أو عمل الآخرين) تخصك وحدك، فقد ترغب في التحرير مع تقدُّمك في العمل، أو يمكنك الانتظار بضعة أيام، ثمَّ مراجعة العمل، ولك أن تهتم بالقواعد أو أن تكتب بعفوية، ففي كلتا الحالتين، هناك بعض الأشياء التي ينبغي التركيز عليها في تحسين محتواك، مثل استخدام صيغة المبني للمعلوم، ولغة واضحة، وجمل قصيرة، وترك مسافات فارغة في الصفحة، واطلب من أحد زملائك أو مديرك مراجعة عملك أيضاً.

5. التحميل

الآن بعد أن أصبح محتواك جاهزاً، ضَعْه في مكان يمكن للأشخاص الوصول إليه، وإنَّ نظام إدارة المحتوى (CMS) هو برنامج يستضيف المحتوى الرقمي ويسمح لك بعرضه على موقعك على الويب (أو في أي مكان آخر على الويب)، وتتمثَّل فائدة نظام إدارة المحتوى (CMS) في أنَّه يربط كل محتواك ويخزنه في مكان واحد، لذلك يمكنك بسهولة الارتباط بصفحة الهبوط في مقالة مدونتك أو إدراج عرض محتوى في رسالة بريد إلكتروني، وليس هذا فحسب؛ بل حلِّلْ نتائج كل المحتوى الذي أنشأته لحملة معيَّنة (وهذا يساعد على عمليات تدقيق المحتوى)، ويقيك نظام إدارة المحتوى (CMS) من التعامل مع نظام تسويق محتوى مفكَّك.

6. النشر

يمكنك نشر محتواك فوراً بعد التحميل، أو يمكنك زيادة تأثيره إلى أقصى حدٍّ بانتظار أنسب وقت، وإذا كنت قد بدأت للتو، فمن المحتمل أنَّ النشر فوراً لن يؤثر كثيراً في جمهورك، ولكن إذا كنت ملتزماً بجدول نشر منتظم، مثل نشر منشور جديد كل يوم أربعاء، فسيتوقع جمهورك رؤية منشور في أيام الأربعاء، وشيء آخر يجب أخذه في الحسبان هو النشر وفقاً للتوجهات أو الأحداث المرتبطة بعامل الوقت، فمثلاً إذا أنشأت محتوى حول الأعياد الوطنية أو الأحداث الجارية، فعليك نشرها في أوقات محددة، ويسمح لك نظام إدارة المحتوى بجدولة المنشورات لتاريخ مستقبلي ووقت محدد.

7. ترويج المحتوى

أخيراً، حان الوقت لترويج المحتوى الذي أنشأته، ويمكنك القيام بذلك من خلال وسائل مختلفة بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي والتسويق من خلال البريد الإلكتروني وحتى إعلانات الدفع عند النقر، ولترويج محتواك، فكِّرْ في القنوات التي يتابعها جمهورك، وهل هم على فيسبوك، أم إنستغرام، أم يوتيوب؟ أينما كانوا، عليك مقابلتهم وترويج محتواك على تلك القناة،

بالإضافة إلى ذلك، سيساعدك التعاون مع المؤثرين أو العلامات التجارية الأخرى على ترويج محتواك والوصول إلى مزيد من الأشخاص.

تحليل المحتوى

الخطوة الأخيرة والأهم في صناعة المحتوى هي تحليل محتواك، ودون البيانات، لا يمكنك معرفة ما الذي ينجح أو كيفية تحسينه، وهناك عدد من نقاط البيانات التي يمكنك تتبُّعها عند تحليل محتواك، لذا استخدِمْ أهدافك بوصفها دليلاً لتحديد بعض المقاييس، وسيساعدك أي شيء ترغب في تحقيقه من خلال محتواك على اختيار مقاييسك، وإنَّ اختيار العناصر التي تريد تحليلها متروك لك تماماً، ولكن إليك بعض الأفكار للمقاييس التي يجب تتبُّعها.

1. مشاهدات الصفحة

تمثِّل عدد المستخدمين الذين يزورون محتواك، وبالنسبة لمقالات المدونة، يعدُّ هذا عدد مرات زيارة الصفحة، ولكن بالنسبة لأي نوع من المحتوى، يوجد عادةً مقياس "المشاهدات" الذي يُعلِمك بعدد مرات مشاهدة محتواك وعدد المستخدمين الفريدين.

2. عدد الزيارات المجانية

هي الزيارات الواردة من محركات البحث، وهي غير مدفوعة تحصل عليها من التصنيف العالي في صفحات نتائج جوجل أو محركات البحث الأخرى.

3. معدَّل الارتداد

نسبة الزوَّار الذين يغادرون موقعك بعد زيارة صفحة واحدة فقط، ويعدُّ هذا مقياساً هاماً يجب تتبُّعه لأنَّه يتيح لك معرفة أنَّ الأشخاص مهتمون بالنقر على منشوراتك، ثمَّ يُحجمون عن ذلك.

4.  معدَّل التحويل

هو النسبة المئوية للزائرين الذين يتفاعلون مع زر الدعوة لاتخاذ إجراء (CTA)، سواء كان عرض محتوى، أم ملء نموذج.

5. معدلات التفاعل

هو عدد الأشخاص الذين يتفاعلون مع محتواك من خلال الإعجابات أو المشاركات أو التعليقات أو بطرائق أخرى.

6. نمو الجمهور

يمثِّل المشتركين أو العملاء المحتملين الجدد الذين تكسبهم بعد تفاعلهم مع جزء معيَّن من محتواك.

7. الوقت على الصفحة

يمثِّل مقدار الوقت الذي يقضيه المستخدم على صفحتك، سواء كان ذلك مقالة أم مقطع فيديو (بالنسبة لمحتوى الفيديو، قد يكون هذا متوسط ​​وقت المشاهدة)، فمن الهام تتبُّع المكان الذي يغادر فيه المستخدمون، فهل يبقون على الصفحة مدة كافية لقراءة المقال أم استخدام المحتوى؟

8. الحملات المدفوعة

هي مقدار الزيارات الواردة من الحملات المدفوعة، فإذا كنت ترعى منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي أو تدفع مقابل إعلانات محرك البحث، فمن الهام تتبُّع مقدار الزيارات الواردة من تلك الحملات.

أدوات صناعة المحتوى

على الرغم من أنَّ نظام إدارة المحتوى يساعدك على إدارة المحتوى، فإنَّه لا يساعدك على إنشائه، وهنا تحتاج إلى أدوات إنشاء المحتوى، لا سيما إذا لم يكن لديك خبرة تقنية، أو القدرة على توظيف شخص خبير، فمن الصور المتحركة إلى الرسوم البيانية، تساعدك أدوات صناعة المحتوى هذه على الظهور بمظهر المحترف، بصرف النظر عن نوع المحتوى الذي تنشئه.

1. ميك ماي بيرسونا (Make My Persona)

هي أداة رائعة من هاب سبوت (HubSpot) ترشدك خلال عملية إنشاء شخصية المشتري، ويمكنك إنشاء مستند للرجوع إليه طوال عملية صناعة المحتوى.

2. بلوغ آيديا جينيرايتور (Blog Ideas Generator)

يمكن لهذه الأداة المجانية من هاب سبوت (HubSpot) أن تمنحك أفكار عن المقالات في ثوانٍ معدودة مدة عام كامل، وكلُّ ما عليك فعله هو إضافة بعض العبارات للحصول على أفكار ذكية وذات صلة بمدونتك، ويفيدك هذا تحديداً عندما تواجه مشكلة في إعداد التقويم التحريري للمحتوى.

3.كانفا (Canva)

تُنشِئْ هذه الأداة تصميمات جميلة لأية منصة، بدءاً من الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى صور غلاف فيسبك والرسوم البيانية، وتتميز الأداة بقوالب جميلة يمكنك تخصيصها بالألوان والصور والنصوص مجاناً.

4. جيفي (Giphy)

لقد حلَّت هذه الأداة محلَّ الرموز التعبيرية بوصفها شكلاً طبيعياً تماماً من أشكال التواصل، ومن ثمَّ فهي طريقة مقبولة لتقديم المحتوى، وتتيح لك هذه الأداة البحث بين ملايين الصور المتحركة المنشأة سابقاً في قاعدة البيانات أو إنشائها بنفسك.

5. فيديارد (vidyard)

هي منصة لاستضافة الفيديو مصمَّمة للمسوقين، وتتيح لك تخصيص الفيديو عن طريق إضافة طبقات أو نص أو أزرار الدعوة لاتخاذ إجراء واختبار الانقسام والنصوص، وتحتوي على ميزات تحسين محركات البحث (SEO).

6. سيرفي مونكي (SurveyMonkey)

هي منصة رائدة في إنشاء الاستطلاعات، وتكمن أهميتها في الفائدة من التغذية الراجعة التي يقدمها العملاء لإطلاق حملة تسويقية ناجحة.

7. أنكر (Anchor)

هي أداة مجانية للبث الصوتي للمبتدئين، وتسمح لك بتسجيل وتخزين عدد غير محدود من الحلقات، ويمكنك تحميلها بسهولة على أية منصة خارجية، وهذه ليست قائمة شاملة بجميع أدوات صناعة المحتوى الرائعة المتوفرة، ولكنَّها الأفضل.

في الختام

عملية صناعة المحتوى هي عملية متكررة تنجح نجاحاً باهراً مع جمهورك، وبمجرد الانتهاء من عملية صناعة المحتوى، ستُنشِئُ عملاً إبداعياً لا يُسعد جمهورك فحسب؛ بل ينمِّي شركتك أيضاً.