كيفية رفع مستوى نضج علامتك التجارية على وسائل التواصل الاجتماعي
يعرف كل مسوِّق أنَّه لا يمكن تحقيق نجاحات بين عشية وضحاها في وسائل التواصل الاجتماعي، فلا يتعلق نجاح منشور العلامة التجارية بالحظ بقدر ما يتعلق بالوقت المُستغرَق في بناء استراتيجية مُحكَمة وتنفيذها، ولقد بذلت العلامات التجارية التي نجحت في ذلك جهداً للوصول إلى مستوى عالٍ من النضج على وسائل التواصل الاجتماعي.
التحكم بالجهد أسهل بكثير من التحكم بالحظ، فيمكن لأيَّة علامة تجارية أن تؤدي العمل المطلوب لتحقيق حضور قوي على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن يتطلب الأمر تكريس الوقت وتأمين الموارد اللازمة.
تعريف النضج على وسائل التواصل الاجتماعي:
يُحدَّد نضج الشركة في مجال وسائل التواصل الاجتماعي بمدى تقدُّم عملياتها على وسائل التواصل الاجتماعي وسياساتها وتقنياتها؛ إذ يُسهِّل فهم مستوى النضج على وسائل التواصل الاجتماعي على الشركات اكتشاف فرص التحسين في الجوانب الرئيسة مثل الاستراتيجية وسير العمل والاستثمارات.
يتطلب الوصول إلى مستوى أعلى من النضج على وسائل التواصل الاجتماعي تحديد التحديات وحلها، والاستثمار في الأدوات اللازمة، وتثقيف أصحاب المصلحة في مجال التسويق وغيره حول كيفية الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي في مناصبهم.
أهمية النضج على وسائل التواصل الاجتماعي:
التسويق على وسائل التواصل الاجتماعي أسرع من أيَّة قناة تسويقية أخرى، فقد يثير توجُّه ما على وسائل التواصل الاجتماعي محادثات هامة توفِّر أفكاراً لا مثيل لها حول شعور المستهلك في أقل من بضع ساعات أحياناً.
يحدد نضج التسويق على وسائل التواصل الاجتماعي قدرة الشركات على التصرف بناء على هذه المحادثات، فكلما كان أسلوبك أكثر إقناعاً، كان من الأسهل التصرف بناءً على هدف على وجه أسرع عندما يحين الوقت.
قد يُترجَم هذا الاستعداد إلى نمو يمكن قياسه، وحسب استطلاع شركة "سبراوت بالس" (Sprout Pulse)، يقول 78% من قادة التسويق و85% من المديرين التنفيذيين إنَّه من الواضح تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في أرباحهم النهائية، لذلك لا عجب أنَّ 79% من المسوقين يقولون إنَّ استخدامهم لبيانات التواصل الاجتماعي زاد من عام 2021 إلى عام 2022.
تعرف هذه الشركات قيمة تحقيق حضور قوي على وسائل التواصل الاجتماعي، وتضطلع بالاستثمارات اللازمة للارتقاء بمستواها.
عناصر نضج وسائل التواصل الاجتماعي:
تخيَّل حضور شركتك على وسائل التواصل الاجتماعي بوصفها حديقة، فإنَّ تحويل حديقتك من قطعة أرض صغيرة إلى متجر بقالة مزدهر في الفناء الخلفي يتطلب الالتزام والمثابرة والكفاءة في هذه الجوانب:
أولاً: الاستثمار
يعرف أي شخص حاول الزراعة في الفناء الخلفي لمنزله أنَّ الأمر كله يبدأ بشراء مستلزمات الحدائق من أحد المتاجر، مثل المعاول والقفازات والبذور وغيرها من الأدوات اللازمة لتنمية حديقته.
ينطبق الأمر نفسه على استراتيجية وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ يحتاج قادة الأعمال إلى استثمار الوقت والموارد في تكوين فريق يلبي الاحتياجات المتنوعة والحديثة لإدارة وسائل التواصل الاجتماعي.
فيما يأتي بعض الجوانب الرئيسة التي يجب مراعاتها عند الاستثمار:
1. بناء الفريق:
تواصل وظائف وسائل التواصل الاجتماعي التخصص بعد أن أصبح مجال العمل على وسائل التواصل الاجتماعي مقسَّماً إلى فئات حسب قناة تسويق المحتوى وشكل المحتوى، ناهيك عن نشاطات التسويق المجاني والمدفوع؛ إذ يُعَدُّ بناء فِرق مرنة مهمتها دعم الجوانب الفريدة لعلامتك التجارية أمراً أساسياً لنجاح حضورك على وسائل التواصل الاجتماعي.
2. القيادة:
يحتاج القادة على المستوى الإداري والتنفيذي إلى استثمار الوقت في فهم استراتيجية شركاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي ودعمها، وإنَّ اهتمامهم وإسهاماتهم يمهدان الطريق نحو بناء منظمة تولي الاهتمام لوسائل التواصل الاجتماعي.
3. الميزانية:
تسهم فِرق عدة في استراتيجية وسائل التواصل الاجتماعي للشركة وتستفيد منها، لذلك يجب وضع ميزانية وسائل التواصل الاجتماعي بالتعاون مع أقسام الشركة كافة.
4. البرامج:
توفِّر الأدوات المركزية لإدارة وسائل التواصل الاجتماعي الوقت الذي تحتاج إليه للاستثمار في مجالات رئيسة أخرى عن طريق تأمين الوصول إلى البيانات بسرعة وتبسيط سير العمل.
5. التعاون:
تعزز بيانات وسائل التواصل الاجتماعي بناء استراتيجية العلامة التجارية، وتطوير المنتجات، وممارسات التفاعل مع العملاء، وغير ذلك، ويبدأ جني هذه الفوائد بالاستثمار في التعاون بين الوظائف كافة.
6. التعليم:
يحتاج أصحاب المصلحة من غير قسم التسويق إلى تعلُّم تطبيق بيانات وسائل التواصل الاجتماعي في جميع الأقسام لفهم كيف يمكن لهذه البيانات أن تعزز وظائفهم تعزيزاً كاملاً.
ثانياً: العملية
تحتاج بعض النباتات إلى عناية يومية، بينما يمكنك ترك بعضها الآخر لأيام أو أسابيع عدة؛ إذ يضع البستاني الذكي نظاماً من الإجراءات الروتينية التي تضمن النمو الأمثل لكل بذرة، وهذا هو المقصود بالعملية هنا.
تساعد العمليات القوية الفرق على تحقيق أقصى استفادة من وقتهم، وبالنسبة إلى فِرق وسائل التواصل الاجتماعي، يعني هذا إعداد إجراءات عملية للنشر والتفاعل وإنشاء التقارير.
توجد طرائق عدة لتحسين الجدولة والت.فاعل، ولكنَّك ستجني أكبر قدر من الإنتاجية من أداة إدارة وسائل التواصل الاجتماعي المتطورة، فقد تساعدك التكنولوجيا الذكية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي على استثمار وقتك، حتى تتمكن من إنفاقه على المشاريع التي تدفع عجلة التقدم إلى الأمام.
ثالثاً: الاستراتيجية
فكر في استراتيجية وسائل التواصل الاجتماعي بوصفها الخطة التي تتبعها للعناية بحديقتك وتحديد توقيت زراعة البذور، وبفضل البحث أو الخبرة، ربما تعلم أنَّ زراعة الفراولة في الشتاء تحت ظل شجرة ليست فكرة سديدة.
بالمثل، يمكنك الاستفادة من البحث وتحليل البيانات في اتخاذ قرارات صائبة على وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ يعتمد الحضور الاستراتيجي على وسائل التواصل الاجتماعي على أهداف العمل ويتم تعزيزه بالبيانات، فيجب أن تكون أطر التخطيط استباقية وتشمل أقسام الشركة كافة.
يساعد النهج الموجَّه نحو البيانات في التخطيط الاستراتيجي على ربط الجهود بالتأثير، مع توفير أفكار حول التوجهات والتحديات المستقبلية، وهذه هي الكفاءات التي يجب توفُّرها لرفع مستوى نضج مؤسستك على وسائل التواصل الاجتماعي.
مراحل نضج التسويق على وسائل التواصل الاجتماعي:
توجد ثلاث مراحل أساسية للنضج على وسائل التواصل الاجتماعي؛ وهي النشوء والتطور والإتقان، فبمجرد أن تفهم المرحلة التي تصف شركتك على وجه أفضل، يمكنك البدء بتحديد الخطوات التالية للتقدم.
1. النشوء:
تشمل مرحلة النشوء أفراداً أو أقساماً منعزلة تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي مع إشراف ضئيل أو معدوم من الإدارة، ودون استراتيجية شاملة.
يشمل هذا المستوى نشر المحتوى الأساسي والتفاعل مع الجمهور، فقد تواجه الشركات العاملة على هذا المستوى صعوبة في تنظيم الاستراتيجيات وتنفيذها وكذلك في إظهار عائد الاستثمار.
الانتقال من مرحلة النشوء إلى مرحلة التطور:
للانتقال إلى مرحلة التطور، يجب على الشركات في مستوى النشوء:
- تعيين مِن أصحاب المصلحة الأساسيين مَن يستطيع الإشراف على الجهود المبذولة على وسائل التواصل الاجتماعي والتنسيق بين الأفراد والفِرق، إضافة إلى العمل بصفة حلقة وصل بين الإدارة العليا والممارسين على وسائل التواصل الاجتماعي.
- وضع أهداف عمل واضحة تتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي وصياغة استراتيجيات مفصلة لدعم أهداف محددة.
- وضع سياسات توفِّر إرشادات للأسئلة والاهتمامات الشائعة، مثل مسؤوليات نشر المحتوى وتوقعات وقت الرد.
- تثقيف جميع الأقسام حول استراتيجية الشركة في وسائل التواصل الاجتماعي، وإشراك الأفراد المناسبين في الجهود الرامية إلى ربط وسائل التواصل الاجتماعي بالمبادرات العامة للتسويق وخدمة العملاء.
- تدريب الفِرق على كيفية استخدام المنصات الاجتماعية بطريقة تتوافق مع أهداف العمل، وتمكينهم من تحقيق الأهداف باستخدام ما يلزم من الميزانية والموظفين والأدوات.
- تحديد مقاييس وسائل التواصل الاجتماعي الهامة لنجاح الأعمال وقياسها بناءً على معايير مجال العمل والمنافسين لضمان الحصول على البيانات الهامة وتحليلها باستمرار.
- النظر في اعتماد منصة تُوحِّد عمليات النشر والتفاعل عبر الشبكات في مساحة موحدة.
2. التطور:
تحدث مرحلة تطور نضج التسويق على وسائل التواصل الاجتماعي عندما تحرز الشركات تقدماً في مزامنة ودعم استراتيجية وسائل التواصل الاجتماعي عبر الأقسام المختلفة، وتركز الآن على قابلية التوسع والتكامل والتحسين، ويتميز هذا المستوى بالحملات الموجَّهة على وسائل التواصل الاجتماعي وإدارة المجموعات فيها وتطبيق البيانات المستخرَجة منها في جميع أقسام الشركة.
يتيح الوصول إلى مرحلة التطور للشركة تقديم تجارب تدعم رضى العملاء عبر جميع شبكاتها الاجتماعية النشطة، وهذا لا يقتصر على زيادة الوعي بالعلامة التجارية، وأيضاً يمنع فقدان العملاء أيضاً.
وفق مؤشر "سبراوت سوشيال" (Sprout Social Index)، يناقش 36% من المستهلكين الذين واجهوا تجربة رعاية عملاء سلبية على وسائل التواصل الاجتماعي تجربتهم مع الأصدقاء والعائلة، ولن يكمل 31% عملية الشراء، بينما يشتري 30% منهم من المنافسين.
عادةً ما تتمتع الشركات في هذا المستوى بفهم قوي لأساسيات استراتيجية وسائل التواصل الاجتماعي وتحقق بعض العائد على الاستثمار، ومع ذلك، فهي تدرك وجود مزيد من الفرص لتحقيق أقصى قدر من النتائج.
الانتقال من مرحلة التطور إلى مرحلة الإتقان:
للانتقال إلى مرحلة الإتقان، يجب على الشركات في مستوى التطور:
- زيادة التركيز على الذكاء الاجتماعي، والانتقال إلى ما هو أبعد من المقاييس على وسائل التواصل الاجتماعي والبيانات الديموغرافية القياسية لتتبُّع التوجهات والمحادثات والمشاعر عبر الإنترنت.
- استخدام بيانات وسائل التواصل الاجتماعي لتوجيه المبادرات التسويقية الكبيرة، إضافة إلى جهود تعزيز المنتجات والخدمات والعلامة التجارية.
- تنمية العلاقات مع المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي وصنَّاع المحتوى من خلال برامج لتعزيز الاهتمام والثقة والولاء.
- تعزيز ولاء المستخدمين وتأييدهم للشركة من خلال استخدام المحتوى الذي يصنعونه.
- الاستثمار في الأدوات الضرورية لتحديد تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في مؤشرات الأداء الرئيسة الخاصة بالأرباح، مثل فرص البيع للعملاء المحتملين وعمليات الشراء، إضافة إلى النتائج المالية للإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي.
- تمكين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي ذوي الخبرة من مشاركة المعرفة والمشورة وأفضل الممارسات من خلال جلسات تدريبية منتظمة والتعاون بين الفِرق.
- رفع الوعي بالعلامة التجارية والبيع على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال الاستفادة من الموظفين وشبكات علاقاتهم باستخدام بعض البرامج والأدوات.
- التأكد من دمج العمليات على وسائل التواصل الاجتماعي وسير العمل على نحو صحيح مع الأنظمة والتقنيات الحالية.
- تعزيز أداء سير عمل وسائل التواصل الاجتماعي من خلال ميزات الأتمتة، مثل برامج الدردشة الآلية.
3. الإتقان:
تصل إلى مرحلة الإتقان عند دمج وسائل التواصل الاجتماعي في كل مستوى من مستويات الشركة؛ إذ تؤدي دوراً أساسياً في المبيعات والتسويق وتجربة العملاء وعمليات التواصل والتعاون والبحث وتحليل البيانات.
تعمل الشركات في هذا المستوى بارتياح مع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقها عبر الفِرق والأقسام؛ إذ يدرك المنافسون والجمهور المستهدف على حدٍ سواء في هذه المرحلة مدى تطور استراتيجية الشركة على وسائل التواصل الاجتماعي.
إذا كنت تبحث عن شركة تعمل باستمرار في مرحلة الإتقان على وسائل التواصل الاجتماعي، فانظر إلى شركة "جرامرلي" (Grammarly)؛ إذ يُظهِر التمرير السريع عبر حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي بوضوح التزامهم بتجربة طرائق جديدة لرعاية العملاء.
هذا المحتوى قائم على تفكير تقدُّمي في إعداد التقارير والتنصت الاجتماعي؛ إذ تستخدم "جرامرلي" أدوات التنصت الاجتماعي في منصة "سبراوت" لمراقبة فاعلية العلامة التجارية وحصة الصوت التنافسية، ومنذ ذلك الحين، أصبحت قادرة على استخلاص مزيد من الأفكار حول المنتجات من المنصات ذات الأولوية مثل "إكس" و"ريديت" (Reddit).
للبقاء في مرحلة الإتقان يجب على الشركات:
- إعطاء الأولوية للابتكار على وسائل التواصل الاجتماعي وإسهامات الموظفين في العمليات وسير العمل والاستراتيجيات.
- البقاء على اطلاع دائم بأحدث التقنيات والقنوات والقدرات وحالات الاستخدام الناشئة على وسائل التواصل الاجتماعي.
- الاستفادة من ذكاء الأعمال على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل استراتيجي ومواصلة تحسين نماذج قياس الأداء من خلال الاختبار.
- جمع وتحليل مقاييس متقدمة تتجاوز الاهتمام بالأرباح، مثل المحادثات الرائجة وحركة السوق ومواقف المستخدمين.
- المخاطرة المحسوبة في حالات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة.
- الاستفادة من أدوات إدارة وسائل التواصل الاجتماعي أقصى استفادة.
- جعل التعليم المستمر والتدريب ركيزة أساسية في الشركة.
- التنبؤ بالتغيرات في حالات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للبقاء في الطليعة وزيادة الكفاءة وتحقيق أكبر قدر من الفوائد.
- فهم أنَّ تحسين استراتيجية وسائل التواصل الاجتماعي عملية مستمرة إلى ما لا نهاية، لكن يجب دائماً متابعتها بحماسة.
في الختام:
انظر إلى المراحل المشروحة آنفاً لتشخيص مدى نضج شركتك في التسويق على وسائل التواصل الاجتماعي، وضع خطة للمضي قدماً، واعلم أنَّ بناء هذه الكفاءات يستغرق وقتاً طويلاً؛ لذا اختر بعض الأهداف الهامة للتركيز عليها حتى تحقق الهدف من استراتيجية التسويق على وسائل التواصل الاجتماعي.