كيفية التنبؤ بسلوك المستهلك باستخدام الذكاء الاصطناعي في عام 2024
يُعدُّ فهم ما يريده المستهلكون ويحتاجون إليه -يفضل قبل أن يدركوا ذلك هم أنفسهم- أمراً ضرورياً للمسوقين. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يجعل هذه المهمة أسهل بكثير، خاصة مع ظهور التعلم العميق. مع تطور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، يجب على المسوقين والاستراتيجيات التي ينفذونها أن تتطور أيضاً. وقد بدأ الذكاء الاصطناعي بالفعل في أتمتة العمليات للسماح للمسوقين باتخاذ قرارات أذكى وأسرع. سيكون الذكاء الاصطناعي قادراً على توقع احتياجات العملاء على وجه أفضل لأن مجموعة البيانات التي يعتمد عليها واسعة جداً، وستكون حملاتك أنجح لهذا السبب. سيصبح الخطأ البشري شيئاً من الماضي مع استمرار الذكاء الاصطناعي في التطور، وستكون القرارات الإستراتيجية التي نتخذها كمسوقين أصوب. دعونا نلقي نظرة على قدرات الذكاء الاصطناعي واستخداماته المحتملة أدناه.
آلية عمل التعلم العميق
يُعدُّ التعلم العميق، باعتباره أحد فروع الذكاء الاصطناعي، تقنية واعدة قادرة على تغير مستقبل التسويق عن طريق مساعدة الشركات على التنبؤ بسلوك المستهلكين. إنه طريقة للتعلم الآلي تستخدم شبكات عصبية طبقية أو "عميقة" مشابهة لتلك الموجودة في الأدمغة البيولوجية، لتعلم المهارات وحل المشكلات المعقدة بسرعة تفوق قدرة البشر. كما أنه يساعد الكمبيوتر (أو الروبوتات) على التعامل مع المهام الإنسانية، مثل إدراك الأشياء، وتمييز الأصوات، وترجمة اللغات.
يوفر التعلم العميق طريقة لتدريب الذكاء الاصطناعي على التنبؤ بالنتائج بناءً على مجموعة من البيانات. قد يبدو الأمر سهلاً، لكنه ليس كذلك: فبينما يتطلب الأمر معالجة أقل للبيانات بواسطة البشر مقارنة بتقنيات التعلم الآلي التقليدية، إلا أنه يحتاج إلى مجموعة كبيرة من البيانات وقدر هائل من القدرات الحاسوبية. ومع ذلك، إذا تمكن نظام التعلم العميق من الوصول إلى هذه العناصر الأساسية، فيمكنه أن يتعلم التنبؤ بالسلوك البشري بدقة عالية.
استخدام التعلم العميق للتنبؤ بالسلوك البشري
خذ على سبيل المثال تجربة "الرؤية التنبؤية". درَّب الباحثون في مختبر علوم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي (CSAIL) التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) نظام التعلم العميق على التنبؤ بما إذا كانت الشخصيات في مشاهد من برامج تلفزيونية ستعانق أو تُقبِّل أو تصافح بعضها بعضاً. وبعد مراقبة أكثر من 600 ساعة من مقاطع الفيديو على يوتيوب (YouTube)، تمكن النظام من التنبؤ بالحركة بنسبة 43% من الوقت، في حين لم تستطع الخوارزميات الحالية أن تفعل ذلك إلا بنسبة 36% من الوقت.
وهناك مثال آخر معروف جيداً على قدرة التعلم العميق على التنبؤ بالسلوك البشري يتعلق بالسيارات ذاتية القيادة. فقد طوَّر باحثون في جامعة كورنيل (Cornell University) وجامعة ستانفورد (Stanford University) نظام برينز4 كارز (Brains4Cars) الذي يتضمن كاميرات وأجهزة استشعار وأجهزة يمكن ارتداؤها، والذي يراقب لغة جسد السائق وحركة المرور حول المركبة. يُصدر النظام تنبيهاً أن السائق على وشك التعرض لحادث سير. تستطيع خوارزمية النظام أن تتوقع سلوك السائق قبل حدوثه بحوالي 3.5 ثانية.
الكشف عن العملاء الجدد والتنبؤ بسلوك المستهلك قبل أشهر
تحمل هذه التجارب نتائج مقنعة، ولكن ما هي النتيجة بالنسبة للمسوقين؟ مع استمرار تطور تقنية التعلم العميق وتحسنها، يمكن للشركات أخيراً الاستفادة من كميات البيانات الضخمة التي تجمعها حول العملاء الحاليين والسابقين والعملاء المحتملين عن طريق مجموعة من القنوات عبر الإنترنت وغير المتصلة بالإنترنت. سيصبح التعلم العميق أداة أكثر أهمية للمسوقين مع استمرار نمو إنترنت الأشياء (Internet of Things)، ويتم إنشاء وجمع المزيد من البيانات حول سلوك المستهلك من مجموعة واسعة من الأجهزة.
يؤدي دمج البيانات الضخمة مع التعلم العميق إلى مساعدة الشركات على إنشاء نهج تسويقي مخصَّص يجذب أي شخص قد يشتري منتجاتها.
الربط بين الذكاء الاصطناعي وسلوك المستهلك والتسويق
تقول خبيرة التسويق الرقمي ريشو راثي (Reshu Rathi)، في مقال عن دور التكنولوجيا في أتمتة التسويق، إن التعلم العميق لديه "القدرة على العثور على الأنماط داخل الأنماط" في البيانات لمساعدة الشركات على فهم ما يريده العملاء بالفعل. وتوضح أن التعلم العميق يفتح الباب أمام التخصيص الدقيق لرسائل التسويق وتجربة العملاء لأنه يأخذ نية العميل في الحسبان، وليس فقط تاريخ المعاملات أو التفاعل. على سبيل المثال، وجد باحثون من جامعة رينمين الصينية (Renmin University of China) أن المعلومات حول هوايات المستهلكين وأوضاع العمل، عند استخدامها كبيانات لطريقة التعلم العميق، قد تساعد في التنبؤ بنية مجموعات مختلفة من المستهلكين في شراء السيارات.
إن القدرة على التنبؤ باحتياجات العميل بدقة هي كنز للمسوقين. وبمساعدة الذكاء الاصطناعي المدرَّب جيداً، يمكن للمسوقين تقليل الاعتماد على الافتراضات والتخمين وزيادة الاعتماد على الأفكار القائمة على البيانات للتنبؤ بسلوك العملاء بدقة أكبر، حتى في المستقبل البعيد.
ازدياد الاستثمار في تكنولوجيا التعلم العميق
يجب على المسوقين إجراء تجارب باستخدام الذكاء الاصطناعي، حتى يتمكنوا من فهم هذه التقنيات، والأهم من ذلك معرفة كيفية استخدامها لتقديم قيمة. لا يمتلك المسوقون الكثير من الوقت لاكتشاف ذلك، حيث تشير دراسة بحثية عالمية جديدة من شركة الاستشارات بروتيفيتي (Protiviti) إلى أنه في حين أن "معظم الشركات ما تزال عند عتبة البداية" مع الذكاء الاصطناعي، فإن "الأغلبية الكبيرة من الشركات تسرع في تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتتوقع تحقيق مكاسب كبيرة في الربحية والإنتاجية والإيرادات وتقديم القيمة في غضون عامين فقط". تشير الدراسة إلى أن معظم الشركات ستطبق الذكاء الاصطناعي المتقدم في وظيفة تقريباً، بما في ذلك التسويق وتجربة العملاء.
تستخدم عديد من الشركات الرائدة بالفعل الذكاء الاصطناعي المتقدم لتقديم تجارب أكثر تخصيصاً لعملائها، وتوقُّع ما يريدونه أو يحتاجون إليه.
الشركات الرائدة تستخدم الذكاء الاصطناعي بالفعل
على سبيل المثال، تركز نيتفليكس (Netflix) على التخصيص المدعوم بالذكاء الاصطناعي، ويؤثر نظام التوصية الخاص بها في نحو 80% من المحتوى الذي يشاهده مشتركوها. وتقدِّر الشركة أيضاً أن خوارزمياتها تساعدها في توفير 1 مليار دولار سنوياً من خلال الاحتفاظ بالعملاء. تستخدم أمازون (Amazon)، الشهيرة بمحرك توصيات المنتجات الخاص بها، الذكاء الاصطناعي أيضاً من أجل تسريع عمليات التسليم عن طريق التنبؤ بمكان تخزين المنتجات بحيث تكون أقرب ما يمكن إلى الأشخاص الذين سيشترونها. (حصلت أمازون على براءة اختراع للشحن الاستباقي في عام 2013).
ابحث عن تطبيقات وأدوات التعلم العميق التي ستنتشر قريباً وتصبح أكثر سهولة في الاستخدام أيضاً. تلتزم جوجل (Google) بالمساعدة في دفع عجلة تطور تقنية التعلم العميق، حيث توفر برامج سحابية تحتوي على كل ما تحتاج إليه لبدء مشروع التعلم العميق على جوجل كلاود (Google Cloud). كما أن فيسبوك (Facebook) في طليعة أبحاث التعلم العميق وقد طورت بعض التطبيقات القوية، بما في ذلك تطبيق التحقق من الوجه يسمى ديب فيس (DeepFace)، والذي يمكنه تمييز الأشخاص في الصور بدقة شبه كاملة. تعمل شركة الوسائط الاجتماعية العملاقة الآن على إنشاء إطار عمل موحد للتعلم العميق سيكون متاحاً لمجتمع المطورين فيها.
الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة بقيمة تريليون دولار في مجال التسويق
سيؤدي كل هذا الاستثمار والتقدم في التعلم العميق بلا شك إلى فرص مثيرة للمسوقين. في الواقع، يتوقع قادة الفكر في شركة ماكينزي (McKinsey) أن معظم حالات استخدام الذكاء الاصطناعي في الأعمال ستقع ضمن مجالين: إدارة سلسلة التوريد والتصنيع، والتسويق والمبيعات. ويقدرون أن حالات الاستخدام في هذه المجالات ستمثل ثلثي فرصة الذكاء الاصطناعي بأكملها. تُترجم فرصة الذكاء الاصطناعي للتسويق والمبيعات، بحسب أبحاثهم، إلى ما يتراوح بين 1.4 إلى 2.6 تريليون دولار من القيمة عبر الشركات في العالم. ويقدِّرون أيضاً أن 40% من القيمة المحتملة التي يمكن إنشاؤها بواسطة التحليلات اليوم ستأتي من تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تندرج تحت مظلة التعلم العميق.
ما يزال التعلم العميق في مراحله الأولى، لكن ذلك لن يستمر مدة طويلة نظراً إلى السرعة الهائلة لتطور التكنولوجيا اليوم. إن القدرة على التنبؤ بسلوك المستهلك باستخدام الذكاء الاصطناعي المدرَّب على التعلم العميق باستمرار وبدقة عالية ليست احتمالاً بعيد المنال في المستقبل. لقد أدى التعلم العميق إلى تغيير أساليب وتقنيات التسويق بالفعل، وعدم مواكبة هذا التغيير سيكون خطأ يقع فيه المسوقون.
التطبيقات الحالية للذكاء الاصطناعي في التسويق
يوفر الذكاء الاصطناعي مجموعة متنوعة من القدرات التي تعزز عمليات التسويق بشكل كبير. من خلال أتمتة المهام مثل إنشاء المحتوى وتصميم الحملات وتجزئة الجمهور، يمكِّن الذكاء الاصطناعي المسوقين من تحقيق الكفاءة والإنتاجية الأمثل. تتميز طبيعة الذكاء الاصطناعي الديناميكية بقدرتها على التكيف مع البيانات والتوجهات المتطورة، مما يضمن بقاء المحتوى ذا صلة. علاوة على ذلك، فإن قدرة الذكاء الاصطناعي على معالجة مجموعات البيانات الضخمة تتيح استخراج أفكار قيِّمة، مما يسهل اتخاذ قرارات قائمة على البيانات.
تحسين رضا العملاء باستخدام الذكاء الاصطناعي
من غير المحتمل أن يحل الذكاء الاصطناعي محل الدعم البشري الفعلي بالكامل، ولكن يمكن الاعتماد عليه في تلبية الطلبات الروتينية المتكررة. يمكن أتمتة قسم الأسئلة الشائعة في موقع الويب أو برامج الدردشة التفاعلية للإجابة عن الأسئلة الأكثر شيوعاً حول منتجاتك وتحويل هذه الاستفسارات بعيداً عن مراكز دعم العملاء لديك. وهذا من شأنه أن يسمح لفرق دعم العملاء بالتركيز على الأسئلة الأكثر تعقيداً التي تتطلب مزيداً من الوقت أو الموارد، ومن ثم تحقق فائدتين في نفس الوقت مع توفير دعم ممتاز لعملائك.
في الختام
مع كل هذه القدرات، قد تكون إمكانات الذكاء الاصطناعي للمسوقين غير محدودة تقريباً. ومن المشكوك فيه أن يحل الذكاء الاصطناعي محل البشر كلياً. فهو يفتقر إلى حس الفكاهة والإبداع، أو التهكم؛ وهذه كلها ضرورية لإنشاء محتوى يبهر جمهورك. ومع ذلك، يمكنه أن يضع أساساً يبني عليه المسوقون.
سيصبح الاختبار اليدوي أ/ب في النهاية عملية من الماضي حيث أن الذكاء الاصطناعي قادر على جمع البيانات من متغيرات متعددة بدلاً من مجرد متغير واحد وتقديم النتائج مباشرة. لدينا حالياً مساعدين صوتيين مثل أليكسا (Alexa) من أمازون أو سيري (Siri) من أبل (Apple) نطرح عليهما الأسئلة ونطلب إليهم تنفيذ طلباتنا. الآن، تخيل تقنية ذكاء اصطناعي تسويقية أكثر تفاعلاً تخبرك بالتوجهات، ونتائج مبادراتك، والتعديلات المقترحة لحملاتك الحالية.
على الرغم من استخدام الذكاء الاصطناعي للمساعدة في إنشاء المحتوى، إلا أن "اللمسة الإنسانية" ما تزال ضرورية للتحقق من أخطاء القواعد النحوية، وتحسين محركات البحث، أو الاستشهاد الصحيح بالمراجع.