ما هو التخصيص باستخدام الذكاء الاصطناعي وماهي مراحله وفوائده؟

تسعى الشركات لتحسين جودة التفاعل مع زوار مواقعها الإلكترونية ومستخدمي تطبيقاتها بسبب اشتداد المنافسة في السوق وكثرة الخيارات المتاحة للعملاء المحتملين، حيث تُستخدَم تكنولوجيا "الذكاء الاصطناعي" (AI) في تقديم تجارب مخصصة تساعد العملاء المحتملين في تجنب هذه الحيرة وتحديد الخيار الأمثل لتلبية احتياجاتهم.
كما تُستخدَم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في اقتراح المنتجات، وإنشاء المحتوى، وتوحيد التفاعلات في جميع القنوات والمنصات، بحسب خصائص الشريحة المستهدفة بناءً على البيانات المتوفرة. يساعد التخصيص باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في تقديم تجارب مُرضية للعملاء وزيادة إيرادات الشركة.
التخصيص باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي
تستخدم 92% من الشركات في الوقت الحالي أدوات التخصيص التي يقدمها الذكاء الاصطناعي بهدف توسيع نطاق عملها وزيادة إيراداتها، وقد أكد 75% من قادة الأعمال التجارية أنَّ تكنولوجيا التخصيص فعالة وضرورية للغاية لتحقيق النجاح التجاري.
تستخدم أدوات التخصيص أيضاً خوارزميات تعلم الآلة وأنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة لتحليل كميات هائلة من البيانات بهدف الحصول على معلومات دقيقة وشاملة عن ظروف السوق، وسلوكيات العملاء المحتملين، وخياراتهم المفضلة دون انتهاك خصوصياتهم أو التعدي على بياناتهم الشخصية.
ويختلف التخصيص باستخدام الذكاء الاصطناعي عن نظيره التقليدي في المحاور التالية:
1. التعقيد
يعتمد التخصيص التقليدي على مجموعة أنظمة وقواعد بسيطة وتقنيات تصنيف أساسية، في حين تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي خوارزميات تعلم آلة متطورة وفعالة في معالجة كميات ضخمة من البيانات المعقدة. من ثمَّ، يقدم الذكاء الاصطناعي أدوات تخصيص دقيقة تستهدف شرائح مختلفة ومتنوعة من الجمهور.
2. معالجة البيانات والمعلومات
تقدم أدوات التخصيص التقليدية إجراءات بسيطة، مثل إدراج اسم العميل المحتمل في بداية رسالة البريد الإلكتروني، كما طورت شركات التخصيص التقليدية أدوات لجمع التغذية الراجعة من الزبائن بهدف تحديد احتياجات الجمهور المستهدف، وقسمت العملاء المحتملين إلى فئات رئيسية بحسب البيانات السكانية وأنماط السلوكيات.
بالمقابل، تقدم الأنظمة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي أدوات تخصيص متطورة تحلل مجموعات كبيرة من البيانات بهدف تحديد الأنماط الدقيقة التي لا تكتشفها الأنظمة البسيطة. لقد ساهم تطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في ابتكار خيارات وأدوات تخصيص متقدمة لا تقتصر على ذكر اسم العميل المحتمل في رسالة البريد الإلكتروني.
3. التكيُّف المستمر
تعمل أنظمة التخصيص التقليدية وفق برنامج زمني محدد، ويجري تحديث عناصر التخصيص دورياً. بالمقابل، تجري عملية التخصيص باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي آلياً، أي يرصد النظام تغيُّر تفاعلات المستخدمين ويحللها ويتكيف معها باستمرار.
4. أدوات تنبؤية
تقدم أدوات الذكاء الاصطناعي ميزة توقع احتياجات الزبائن وميولهم المستقبلية، وتستخدم هذه المعلومات في إعداد الحملات التسويقية المقبلة. لا تتوفر هذه الميزة في أنظمة التخصيص التقليدية.
آلية التخصيص باستخدام الذكاء الاصطناعي
التخصيص باستخدام الذكاء الاصطناعي هو عملية معقدة تهدف إلى تصميم تجربة المستخدم بناءً على السلوكيات، والميول، والاحتياجات الفردية.
فيما يلي 4 مراحل لعملية التخصيص باستخدام الذكاء الاصطناعي:
1. جمع البيانات
جمع بيانات متنوعة عن الزبون، وهي تشمل ما يلي:
1.1. سلوكيات التصفح
تشمل عمليات البحث والشراء السابقة، والوقت الذي يقضيه الزبون في صفحات تفاصيل المنتجات.
2.1. سجل المشتريات السابقة
المشتريات السابقة التي تعطي فكرة عن الخيارات التي يفضلها الزبون، وتساعد في تخمين احتياجاته المستقبلية.
3.1. المعلومات السكانية
العمر، والموقع الجغرافي، والمعايير السكانية الأخرى.
4.1. النشاط على منصات التواصل الاجتماعي
التفاعلات، وتسجيلات الإعجاب، والمشاركات على منصات التواصل الاجتماعي.
2. تحليل البيانات
تحلل خوارزميات الذكاء الاصطناعي البيانات الناتجة عن المرحلة السابقة. يشمل التحليل الإجراءات التالية:
1.2. تحديد الأنماط
اكتشاف أنماط سلوكيات التصفح والشراء.
2.2. تحليل الاتجاهات
تحليل اتجاهات المنتجات والخدمات التي تتوافق مع المعلومات السكانية للزبون.
3.2. استخدام "معالجة اللغة الطبيعية" (NLP)
تحليل بيانات نصية تستخلصها أدوات الذكاء الاصطناعي من مراجعات الزبون ومنشوراته على منصات التواصل الاجتماعي بهدف تحديد مشاعره، وميوله، وأنواع المنتجات التي يفضلها.
4.2. إنشاء ملف شامل لمعلومات المستخدمين
يشمل الملف احتياجات الزبون، وسلوكياته الشرائية، والخيارات التي يفضلها.
3. تخصيص المحتوى
تستخدم محركات التوصية المدعومة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المعلومات الناتجة عن تحليل البيانات في تقديم المقترحات للزبون، ويُذكَر من أمثلتها ما يلي:
- اقتراح منتجات تتوافق مع مشتريات الزبون السابقة وتاريخ التصفح.
- اقتراح محتوى عن المنتجات التي تتوافق مع اهتمامات الزبون، ويُذكَر من أمثلته المقالات، والمدوَّنات، ومقاطع الفيديو.
- اقتراح عروض مخصصة على المنتجات التي تتوافق مع اهتمامات الزبون وسلوكيات الشراء السابقة.
4. التكيف المستمر
تتكيف أدوات الذكاء الاصطناعي باستمرار وفق الآليتين التاليتين:
1.4. تحليل استجابات الزبون
يرصد النظام نشاط الزبون وتفاعله مع الاقتراحات وروابط المنتجات، ويستخدم هذه المعلومات في تحسين التوصيات المستقبلية.
2.4. التكيف مع التغيرات
يتكيف نظام الذكاء الاصطناعي مع تغير سلوكيات الزبون وميوله مع مرور الوقت وتعاقب الفصول على سبيل المثال، لكي يضمن تقديم توصيات مناسبة للعملاء المحتملين.
تساعد أدوات التخصيص التي تستخدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في تقديم تجارب مصممة خصيصاً للخيارات المفضلة الفردية؛ مما يؤدي بدوره إلى زيادة مستوى رضا الزبائن وتعزيز اندماجهم مع العلامة التجارية.
فوائد التخصيص باستخدام الذكاء الاصطناعي
فيما يلي 6 فوائد للتخصيص باستخدام الذكاء الاصطناعي:
1. تقديم اقتراحات ملائمة للمستخدمين
يرغب الزبائن بالحصول على اقتراحات ونتائج مخصصة ومتعلقة بطلبات البحث. تضمن تقنيات التخصيص باستخدام الذكاء الاصطناعي تقديم محتوى وتوصيات تتوافق مع اهتمامات زوار الموقع الإلكتروني وخياراتهم المفضلة، مما يؤدي إلى تقديم تجربة ممتعة تثير اهتمام الزبائن بالعلامة التجارية وتقنعهم بالشراء من الموقع.
مثال
"أحمد" شاب يبحث عن أحدث إصدارات ألعاب الفيديو في موقع "أمازون" (Amazon) الذي يستخدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بهدف تحديد المنتجات التي يفضلها الزبون بناءً على مشترياته وعمليات البحث السابقة. يتوقع الموقع احتياجات "أحمد" من خلال تحليل بياناته السابقة.
يعرض "أمازون" منتجات تهم "أحمد"، مثل سماعات الرأس الخاصة بألعاب الفيديو قبل أن يبدأ بالبحث ضمن الموقع. يقدم الموقع هذه الاقتراحات بناءً على مشتريات الزبون السابقة وسجل البحث، ثم تتغير النتائج تلقائياً بحسب تفاعل "أحمد" مع الموقع والمنتجات التي يبحث عنها.
2. تحسين عملية البحث
يحتار المتسوق عندما يعرض عليه الموقع الإلكتروني عدداً كبيراً من الخيارات؛ مما يؤثر سلباً على تجربته، وقد أكدت تقارير "مؤسسة بايمارد" (Baymard Institute) أنَّ معدل ترك عربة التسوق بلغ 70% في عام 2024.
يجب أن تكون عملية البحث ضمن الموقع الإلكتروني بسيطة، كما ينبغي أن تقدم نتائج دقيقة ومتوافقة مع طلبات المتسوقين حتى لا يغادروا الموقع. تساعد أدوات تخصيص الذكاء الاصطناعي في تقديم منتجات، وخدمات، ومحتوى يهم المتسوقين.
مثال
"آدم" والد يبحث عن هدايا مناسبة لأطفاله عن طريق إجراء محادثة مع بوت دردشة مدعوم بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في مواقع التجارة الإلكترونية. يقدم له البوت قائمة تحتوي على أفكار مناسبة للهدايا بناءً على بيانات عمر الطفل واهتماماته، مما يجنِّبه عناء الاطلاع على خيارات لا تناسب أطفاله أثناء التصفح، ويساعده في توفير الوقت وتحسين تجربته.
3. توفير الوقت
يساعد الاستخدام الفعال لأدوات التخصيص المدعومة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في توفير وقت المتسوقين، لأنَّها تقدم لهم نتائج تتوافق مع احتياجاتهم بدل أن تهدر وقتهم وجهدهم في تصفح عدد كبير من الخيارات التي لا تناسبهم.
مثال
"حنان" امرأة عاملة تحب مواكبة صيحات الموضة ولا تمتلك ما يكفي من الوقت لمتابعة توجهات قطاع الأزياء؛ لكنَّها تستفيد من منصات التجارة الإلكترونية التي تستخدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الحصول على اقتراحات تناسب ذوقها وصيحات الموضة التي تفضلها.
4. رفع معدل تحويل العملاء المحتملين
تبرز تقنيات التخصيص اهتمام العلامة التجارية باحتياجات المتسوقين وتفهمها لرغباتهم، كما يضمن تكيُّف الذكاء الاصطناعي المستمر تقديم اقتراحات مبنية على البيانات الشخصية للعملاء المحتملين. ويرتفع مستوى رضا المتسوقين ومعدل تحويل العملاء المحتملين عند تقديم عروض واقتراحات مخصصة.
5. زيادة معدل الاحتفاظ بالزبائن
يساعد التخصيص في زيادة معدل الاحتفاظ بالزبائن بنسبة تبلغ 76%، فعلى سبيل المثال، تستفيد متاجر الكتب الإلكترونية من أدوات الذكاء الاصطناعي في متابعة عادات المطالعة بناءً على المشتريات السابقة، واستخدام هذه البيانات في اقتراح إصدارات جديدة بحسب ذوق القارئ والموضوعات التي يفضلها. تساعد تقنيات التخصيص في زيادة المبيعات وتحسين تجربة الزائر؛ لأنَّ النتائج تناسب ذوقه واحتياجاته.
تنجح العلامة التجارية في بناء علاقة طويلة الأمد مع الزبائن والاحتفاظ بهم عندما تحدد احتياجاتهم وخياراتهم المفضلة، بناءً على عمليات التواصل خلال مراحل مسار المبيعات.
6. رفع مستوى رضا الزبائن
تقدم التجارب المخصصة للعملاء النتائج التي يحتاجون إليها، مما يؤدي إلى زيادة مستوى رضاهم وتحسين سمعة الشركة وزيادة شعبيتها في السوق.
في الختام
تتنافس الشركات في الوقت الراهن على الزبائن، وهنا يبرز دور أدوات الذكاء الاصطناعي في تخصيص تجارب العملاء المحتملين، وتأهيلهم، ودفعهم إلى اتخاذ قرار الشراء. قدم المقال معلومات قيِّمة عن مراحل وفوائد التخصيص باستخدام الذكاء الاصطناعي.