التسويق بالمؤثرين قوة التأثير في عالم اليوم

يؤثر الإنسان الجذاب واللافِت في طموحات الناس وأسلوب حياتهم، بما في ذلك المنتجات التي يختارونها، وارتبط التأثير في الماضي بمستحضرات التجميل وسيدات المجتمع الأنيقات، أمَّا اليوم فقد تطور ليطال منتجات إنقاص الوزن، وتحسين مظهر الجسم، والمكملات الغذائية، ومع ظهور منصات التواصل الاجتماعي، تحول هذا التأثير إلى مهنة حقيقية تُعرف بالتسويق عن طريق المؤثرين.

يُعد التسويق بالمؤثرين أحد أشكال التعاون بين المشاهير على منصات التواصل الاجتماعي والعلامات التجارية، بهدف ترويج المنتجات والخدمات التي تقدمها، وبدأت هذه الشراكات بصورة غير رسمية، ولكن بحلول عام 2009، أصبحت شائعة بما يكفي لتدخل لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية (US Federal Trade Commission) ووضع لوائح تنظيمية مخصصة بها، وهو ما تبعته دول أخرى، مثل الصين والهند والمملكة المتحدة.

شهد هذا السوق نمواً هائلاً منذ عام 2019، بفضل منصات رائجة، مثل "إنستغرام" (Instagram) و "يوتيوب" (YouTube) (في الدول الغربية)، و "بيندوودو" (Pinduoduo) و "ويتشات" (WeChat) (في الصين)، ووصل في عام 2023 اقتصاد التسويق بالمؤثرين إلى قيمة مذهلة بلغت 21.1 مليار دولار.

توقعت شركة "مكنزي" (McKinsey) زيادة شعبية التسويق بالمؤثرين في عام 2014 بعد إجراء استطلاع شمل 20 ألف مستهلك أوروبي، وأشار التحليل حينها إلى أنَّ معظم التأثير كان يأتي من "المؤثرين الأقوياء"، لكنَّه كشف أيضاً عن سوق واعد وغير مُستغل للمؤثرين الأقل شهرة، وقد تجلت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة مع صعود المؤثرين الصغار (Micro-Influencers) والمؤثرين المتناهي الصغر (Nano-Influencers)، الذين يمتلكون قاعدة متابعين أقل ولكن أكثر تفاعلاً.

يفيد هذا النوع من التسويق كل من المؤثرين، والعلامات التجارية، والمستهلكين على حدٍّ سواء، وقد أظهر استطلاع مؤسسة "مكِنزي" في عام 2014 أنَّ لوسائل التواصل الاجتماعي، تأثيراً كبيراً في قرارات شراء المستهلكين، وفي عام 2022، أكد تحليل شمل ما يزيد على 2000 منشور تسويقي بالمؤثرين أنَّ هذه الاستراتيجية تحقق عائد استثمار إيجابياً للعلامات التجارية.

تجدر الإشارة إلى زيادة الإقبال على دخول هذا المجال، ففي استبيان أُجرِي عام 2019 على عيِّنة من جيل الألفية والجيل "زد"، أعرب 54% منهم عن رغبتهم في أن يصبحوا مؤثرين إذا أتيحت لهم الفرصة، وتحظى منصات التواصل الاجتماعي بشعبية كبيرة، ولكن لا تتوفر معلومات عن مستوى الإقبال على سوق المؤثرين في المستقبل. تتهافت العلامات التجارية على تحقيق أقصى فائدة ممكنة من التسويق بالمؤثرين، ولكن لا يُتوقَّع أن يستمر هذا الازدهار لفترة طويلة؛ لهذا تسعى الشركات والمؤثرين للاستفادة منه قبل أن يتغير الوضع.

إلى جانب المظهر الجميل والأناقة، ما الذي يجعل شخصاً مؤثراً؟ وكيف يعمل التسويق بالمؤثرين؟ تابِع القراءة لمعرفة مزيد عن هذه الظاهرة سريعة النمو وإلى أين تتجه.

من هو المؤثر؟

المؤثرون هم أفراد يمتلكون قاعدة كبيرة من المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي، ولديهم القدرة على التأثير في سلوك هؤلاء المتابعين بوصفهم مستهلكين، وعلى الرغم من أنَّ أي شخص يمكن أن يصبح مؤثراً، إلَّا أنَّ الإنترنت، شأنه شأن العالم الواقعي، غالباً ما يميل لتفضيل الأثرياء، والمشاهير، والأشخاص اللافتين.

يشمل سوق المؤثرين البشر، والحيوانات، وأدوات الذكاء الاصطناعي أيضاً، ولعل أشهر مؤثر آلي هي "ليل ميكويلا" (Lil Miquela)، التي تظهر دائماً بعمر 19 عاماً، وقد صممتها شركة ناشئة في لوس أنجلوس، ويتابعها 3 ملايين شخص.

كيف تُعقد صفقات التسويق بالمؤثرين؟

تجمع شراكات التسويق بالمؤثرين بين نموذجين رئيسين لتحقيق الأهداف التسويقية:

1. الصفقات الثابتة (Brand Deals)

يتلقى المؤثر في هذا النموذج مبلغاً ثابتاً مقابل كل منشور يروَّج فيه لمنتج أو خدمة معيَّنة، ويمكن أن تتراوح الأجور من 100-10000 دولار، حتى بالنسبة للمؤثرين الذين لا يمتلكون ملايين المتابعين أو شهرة عالمية، أمَّا المشاهير، نظراً لانتشارهم الواسع، يطلبون مئات آلاف الدولارات أو أكثر لكل منشور، مما يعكس القيمة التسويقية الهائلة التي يضيفونها.

2. العمولات التابعة (Affiliate Commissions)

يعتمد هذا النموذج على مبدأ العمولة، وينشر المؤثر عن منتج أو خدمة مع رابط مباشر يؤدي إلى بوابة الشراء؛ إذ يكسب المؤثر عمولة محددة في كل مرة يشتري فيها المشاهد المنتج عن طريق النقر على الرابط أو استخدام رمز ترويجي مخصص به، ويربط هذا النموذج نجاح المؤثر مباشرة بعدد المبيعات التي يحققها.

كم يتقاضى المؤثرون؟

تختلف أجور التسويق بالمؤثرين بناءً على مجموعة من العوامل، مثل الجمهور، وقائمة المتابعين، ومقاييس التفاعل لكل مؤثر؛ إذ صرحت عارضة الأزياء والمؤثرة "أليكسا كولينز" (Alexa Collins)، التي تملك ما يزيد على مليونَي متابع، لموقع "إنسايدر" (Insider) أنَّها تتقاضى 1000 دولار على الأقل مقابل قصة دعائية (sponsored story) على إنستغرام، بينما ذكرت "تايلر شانيل" (Tyler Chanel)، وهي مؤثرة صغيرة في مجال الاستدامة لديها ما يزيد على 13,000 متابع، أنَّها تطلب 100 دولار على الأقل مقابل القصة الدعائية.

يعتقد بعض خبراء التسويق أنَّ 100 دولار لكل 10,000 متابع، تعد صيغة مقبولة لتحديد الأجر، ولكن لا توجد قواعد ثابتة للتكاليف، فقد كشف أحد المؤثرين لموقع "إنسايدر" عن تحقيق قرابة 5000 دولار شهرياً من خلال الروابط التابعة وحدها، التي توجه المستخدمين إلى مواقع المعلنين، أمَّا صفقات العلامات التجارية فقد تجلب أجوراً ضخمة، وصرَّحت مؤثرة أخرى، كانت تملك 275,000 متابع آنذاك، أنَّها حققت 700,000 دولار في 6 أشهر فقط من هذه الصفقات، مما يؤكد الإمكانيات الربحية الهائلة في هذا المجال.

ما الفرق بين التسويق بالمؤثرين وتزكية المشاهير؟

لطالما اعتمدت العلامات التجارية على المشاهير لترويج منتجاتها، وهذا ليس بجديد، ولكنَّ هناك اختلافات جوهرية بين التسويق بالمؤثرين وتزكية المشاهير؛ إذ إنّ:

• تزكية المشاهير: تتطلب استثماراً مالياً ضخماً من الشركة في شخصية مشهورة، ويكون من الصعب قياس العائد على هذا الاستثمار مباشرة.
• التسويق بالمؤثرين: يوفر سهولة أكبر في تحديد عائد الاستثمار (ROI)؛ إذ يمكن للشركات مراقبة التفاعل بدقة، مثل عدد تسجيلات الإعجاب، والمشاركات، والمحادثات من خلال الإنترنت، مما يتيح تقييماً أوضح لفعالية الحملة.

أنواع المؤثرين: تصنيفات تعكس قوة التأثير

يُصنف المؤثرون إلى 5 مستويات مختلفة، بناءً على عدد متابعيهم كالتالي:

1. المؤثر النانونوي (Nano-Influencers): يتابعه أقل من 10,000 مستخدم.
2. المؤثر الصغير (Micro-Influencers): يتراوح عدد متابعيه بين 10,000 و 50,000 مستخدم.
3. المؤثر المتوسط (Medium-influencers): يتابعه 50,000 إلى 100,000 مستخدم.
4. المؤثر الكبير (Macro-influencers): يتجاوز عدد متابعيه 500,000 مستخدم.
5. المؤثر العملاق (Mega-influencers): يمثلون فئة نادرة ولديهم ما يزيد على مليون متابع.

قد تفترض أنَّ العلامات التجارية ترغب في العمل فقط مع المؤثرين العمالقة، لكنَّ هذا ليس دائماً أذكى قرار تجاري، بينما يعرض المؤثرون الكبار نمط حياة قد يبدو بعيد المنال لكثيرين، يعتمدون على فرق عمل متكاملة من المصورين والمصممين وخبراء التجميل لإنتاج محتواهم، وعلى النقيض، يقدِّم المؤثر الصغير محتوى أكثر واقعية ومصداقية، مما يجعلهم أقرب إلى متابعيهم ويمثلون إمكانية الوصول والتواصل الفعلي معهم.

توجد فوائد واضحة للعمل مع المؤثرين الكبار، ومع أعداد متابعيهم الهائلة، يمكنهم مساعدة العلامات التجارية على الوصول إلى مئات الآلاف أو حتى الملايين من الأشخاص.

المنصات الشعبية للتسويق بالمؤثرين

أظهر استبيان أُجرِي عام 2022 وشمل ما يزيد على 2000 علامة تجارية عالمية أنَّ "إنستغرام" تتصدر قائمة المنصات الرائجة للتسويق بالمؤثرين، بنسبة بلغت 80% من العلامات التجارية، أمَّا "تيك توك"، فقد اكتسبت زخماً كبيراً، وفي الدراسة نفسها لعام 2023، أفاد 56% من العلامات التجارية المشاركة باستخدامه في حملات التسويق بالمؤثرين.

على الرغم من هيمنة "إنستغرام" و "تيك توك"، لا ينبغي للعلامات التجارية إغفال إمكانات المنصات الأخرى، مثل "يوتيوب"، وخصيصاً إذا كان المشتركون في قناة المؤثر من فئة جمهورك المستهدف، تماماً مثل أشكال التسويق التقليدية، يجب أن يكون التسويق بالمؤثرين مصمماً خصيصاً ليناسب الجمهور المستهدف للعلامة التجارية.

تُظهر الأبحاث التي أجرتها منصة التسويق بالمؤثرين "أبفلوينس" (Upfluence) أنَّ بعض المنصات قد تجذب أنواعاً معيَّنة من المؤثرين بناءً على عدد متابعيهم؛ إذ يفضل المؤثر الصغير والمتوسط إنستغرام، بينما يتجه المؤثرون الكبار والعمالقة تجاه تيك توك.

مقومات نجاح حملة التسويق بالمؤثرين: الأصالة أولاً

تظل الأصالة هي الركيزة الأساسية لتحقيق النجاح في أية حملة، فبناء علاقات متينة مع مؤثرين ينسجمون مع رسالة علامتك التجارية يعد أمراً حيوياً، سواء كان المؤثر معروفاً بمحتواه حول الاستدامة، أم الطهو، أم الإيجابية الجسدية، أم نمط الحياة الصحي، يجب أن يكون هناك توافق حقيقي بين هويته وقيمه وبين ما تقدمه علامتك التجارية.

لا يقتصر التسويق بالمؤثرين على مجرد الحصول على منشورات تروج لمنتجاتك؛ بل يتعلق ببناء علاقات قوية وحقيقية مع صانع المحتوى، فأنت ترغب في أن يكونوا داعمين حقيقيين لعلامتك التجارية، ينبع تأييدهم لها من قناعة شخصية، مما يضفي مصداقية أكبر على رسالتك ويجعلها تصل إلى الجمهور بفاعلية أعلى.

كيف غيرت جائحة "كوفيد-"19 التسويق بالمؤثرين؟

تؤكد الملاحظات أنَّ جائحة كوفيد-19 أحدثت نقلة نوعية في أسلوب العمل والحياة، فعلى الرغم من أنَّ كثيرين منا عادوا للسفر والخروج أكثر، وربما حتى الذهاب إلى مكاتبهم، إلَّا أنَّ الأمور لن تعود كما كانت تماماً على الأرجح، ولقد غيَّر الوباء فكرتنا عن الصحة العامة، والطعام، والتسوق، وعدد من الجوانب الأخرى.

غيَّرت جائحة كوفيد-19 الواقع بلا شك، فمع عودة كثيرين إلى حياتهم الطبيعية نسبياً، إلَّا أنَّ طريقة تعاملنا مع الصحة العامة، والتسوق، وعدد من الجوانب الحياتية قد تغيرت جذرياً.

أصبح شراء المنتجات من خلال الإنترنت أسهل مع استمرار المخاوف الصحية والرغبة في تقليل المخاطر؛ إذ تُظهر بيانات "فيزا" (Visa) من مايو 2020 أنَّ 13 مليون شخص في أمريكا اللاتينية، قاموا بأول معاملة تجارة إلكترونية لهم خلال الجائحة، تجنباً للتلامس الجسدي، كما يؤكد استطلاع الرأي العالمي المستمر لـ "مكنزي" أنَّ المستهلكين يفضلون تلقي الخدمات والمنتجات تلقياً رقمياً لا يتطلب التلامس الجسدي، وأصبح للمؤثرين دور متزايد الأهمية في توجيه قرارات الشراء في هذا الواقع الجديد، فقد ذكر 34% من المشاركين في أحد الاستبيانات أنَّهم تسوقوا على "إنستغرام" بفضل تزكية المؤثرين، مما يؤكد قدرتهم على دفع عجلة التجارة الإلكترونية في عصر ما بعد الجائحة.

كيف سيؤثر "الميتافيرس" في التسويق بالمؤثرين؟

يُعد "الميتافيرس" مفهوماً حديثاً ومعقداً، ويوصَف بأنَّه تطور للإنترنت: مساحة رقمية ثلاثية الأبعاد ناشئة تتيح للأشخاص خوض تجارب واقعية من خلال الإنترنت عن طريق الواقع الافتراضي وتقنيات أخرى؛ إذ يتفاعل الناس في الميتافيرس مع الأقران، والمحتوى، والعملات المشفرة، والعلامات التجارية، و"العوالم" الأخرى، وتشمل المنصات التي قد تعرفها بالفعل "أنيمال كروسينج" (Animal Crossing)، و"فورتنايت" (Fortnite)، و"ماين كرافت" (Minecraft)، و"روبلوكس" (Roblox)، و"ذا سيمز" (The Sims).

ما هو مستقبل التسويق في الميتافيرس؟ تبيَّن أنَّ الناس مستعدون بالفعل للدفع مقابل السلع الافتراضية، فقد بلغت مبيعات هذه العناصر الموجهة مباشرة إلى الصور الرمزية صناعة بقيمة 54 مليار دولار؛ إذ باعت "غوتشي" (Gucci) نسخة رقمية من حقيبتها "ديونيسوس" (Dionysus) بما يزيد على 4000 دولار، وهو مبلغ أعلى بكثير من سعر الحقيبة الحقيقية، وباعَت "نايكي" (Nike) أحذية رياضية افتراضية تسمى "نايكي كريبتو كيكس" (Nike Cryptokicks)، وقدمت "تشيبوتلي" (Chipotle) قسائم لبوريتو حقيقية لأول 30,000 زائر لمطعم الشركة الافتراضي على "روبلوكس".

يزداد انخراط المؤثرين في الميتافيرس؛ إذ أطلق مغني الراب "سنوب دوغ" (Snoop Dogg) فيديو موسيقياً أُنشئ في عالم "ذا ساندبوكس" (The Sandbox) الافتراضي، بالإضافة إلى "سنوب فيرس" (Snoopverse) (على المنصة نفسها)؛ إذ يمكن للمعجبين الوصول إلى عروض ومحتوى حصري، ويبدو أنَّ إمكانات التعاون بين العلامات التجارية والمؤثرين في الميتافيرس، لا حدود لها مثل الميتافيرس نفسه.

فرص وتحديات التسويق بالمؤثرين

يمكن لعدد كبير من العلامات التجارية الاستفادة من الشراكة مع المؤثرين، إلَّا أنَّ التسويق بالمؤثرين، لا يخلو من المخاطر، وبالنسبة للشركات الكبيرة والمعروفة، يمكن للتسويق بالمؤثرين أن يعزز أو يحافظ على حس الثقة بين المستهلكين من خلال إضافة عنصر من الألفة الشخصية، ولكنَّ هذه العلامات التجارية الكبرى، قد تواجه صعوبة في الظهور بمظهر أصيل في توصيات المؤثرين، خصيصاً عندما يكون الدفع واضحاً، وفي المقابل، يمكن للمؤثر الذي يروِّج لعلامة تجارية أصغر وأقل شهرة أن يبدو أكثر واقعية ومصداقية.

تواجه العلامات التجارية الأصغر تحدياتها المخصصة في المستقبل، ويُتوقَّع أن تشتد صعوبة التميز في السوق نتيجة تزايد الإقبال على التسويق بالمؤثرين، وصرَّحت "كاتي فريبيرغ" (Katie Freiberg)، الرئيسة السابقة لتسويق النمو في شركة "ثيرد لاف" (ThirdLove)، لشركة "مكنزي":

"مع تزايد تشبع السوق، يصبح من الأصعب بكثير على العلامات التجارية، خصيصاً الأصغر منها، أن تميز نفسها، ولقد استخدمت العلامات التجارية التي تبيع مباشرة للمستهلك (D2C) هذا بوصفه طريقة لبناء علاماتها التجارية وأصواتها حقاً، ومع دخول الشركات الكبرى إلى هذا المجال وبدء استخدام المؤثرين، ستُجبر علامات D2C التجارية على اكتشاف الشيء الجديد التالي."

تؤكد فريبيرغ أيضاً أنَّ الشركات الكبيرة التي تتعاون مع عدد كبير من المؤثرين، قد تواجه صعوبة في إدارة هذه الشبكات الواسعة، وحتى لو اختارت علامتك التجارية صانع محتوى يلتزم بقِيَمها، لا يمكنك دائماً التأكد من أنَّ هذا الشخص سيتصرف باحترافية من خلال الإنترنت ولن يضر بسمعة علامتك التجارية.

يجب أن تتحلى العلامات التجارية بالذكاء والحصافة في كيفية ممارسة الأعمال التجارية من خلال الإنترنت أو في "الميتافيرس"، ولكن على الرغم من المخاطر المحتملة، فإنَّ الشراكة مع المؤثرين المناسبين في هذه المساحات المتطورة، يمكن أن تساهم في نمو العلامات التجارية وازدهارها.

كيف تستفيد من التسويق بالمؤثرين في زيادة شعبية علامتك التجارية؟

يؤدي المؤثرون دوراً حيوياً في ربط العلامات التجارية بجمهورها المستهدف؛ إذ يضفون طابعاً إنسانياً على العلامة التجارية ويعززون الروابط العاطفية التي يصعب تحقيقها من خلال الإعلانات التقليدية، وتُظهر الدراسات أنَّ المستهلكين، يثقون بتوصيات المؤثرين أكثر من الإعلانات المباشرة، نظراً لما يتمتع به المؤثرون من مصداقية وقدرة على تقديم محتوى جذاب وأصيل، وتُعزز هذه الروابط الحقيقية التفاعل، وتزيد الوعي بالعلامة التجارية، وتدفع نموها دائماً.

يُعَد التسويق من خلال المؤثرين أحد الاستراتيجيات الأساسية التي تعتمد عليها العلامات التجارية لتحقيق النمو والتفاعل، وقد أثبتت التجارب أنَّ الشراكات مع المؤثرين، يمكن أن تزيد انتشار العلامة التجارية وترسخ الثقة بينها وبين الجمهور، وفي ما يلي، أهم الاعتبارات التي يجب أخذها بالحسبان عند اعتماد الجمهور المستهدف:

1. تحديد الأهداف والجمهور المستهدف

يجب تحديد الأهداف المرجوة بدقة قبل إطلاق أية حملة تسويقية من خلال المؤثرين، سواء كان الهدف تعزيز الوعي بالعلامة التجارية، أم زيادة عدد زيارات الموقع الإلكتروني، أم تحقيق معدلات تحويل أعلى، فإنَّ وضوح الهدف يضع استراتيجية فعالة، ويختار المؤثرين المناسبين، ويحدد طبيعة المحتوى المطلوب.

يؤدي فهم الجمهور المستهدف دوراً رئيساً في نجاح الحملات التسويقية، وتساهم معرفة الخيارات التي يفضلها الجمهور، ومعلوماتهم السكانية، وسلوكاتهم الشرائية في اختيار المؤثرين القادرين على التفاعل الحقيقي معهم.

2. اختيار المؤثرين المناسبين

يُصنَّف المؤثرون وفقاً لعدد المتابعين إلى 5 فئات كما ذُكِر آنفاً، ويُنصَح بالتعاون مع مجموعة متنوعة من المؤثرين لزيادة الوصول والتفاعل مع العلامة التجارية، وتعتمد فعالية التسويق بالمؤثرين على مدى توافق المؤثرين مع العلامة التجارية والجمهور المستهدف، وليس فقط على عدد المتابعين.

3. بناء شراكات أصيلة

يركِّز الجمهور الحديث على الأصالة والشفافية؛ لذلك، فإنَّ بناء علاقات حقيقية مع المؤثرين، يُعدُّ أمراً أساسياً لضمان نجاح الحملات، وتُفضَّل الشراكات طويلة الأمد التي تسمح للمؤثرين بتطوير علاقة أعمق مع العلامة التجارية، مما ينعكس على جودة المحتوى ومصداقيته.

4. التركيز على المحتوى عالي الجودة

يعتمد نجاح الحملات التسويقية من خلال المؤثرين على تقديم محتوى جذاب وقيِّم بدلاً من الترويج المباشر، ويمكن تحقيق ذلك بمشاركة المؤثرين لتجاربهم الشخصية، وتقديم نصائح عملية، أو تقديم قصص ملهمة تتعلق بالعلامة التجارية، مما يعزز تفاعل الجمهور.

5. تحسين الحملات باستخدام بيانات المؤثرين

يقدِّم المؤثرون معلومات قيِّمة حول تفاعل الجمهور، مما يساعد العلامات التجارية على تحسين حملاتها، ويُفضل تحليل أداء الحملات بانتظام من خلال مؤشرات، مثل معدل التفاعل، ومدى الوصول، ومعدل التحويل، لاستخلاص الأفكار التي تحسن الاستراتيجيات المستقبلية.

6. تعزيز التفاعل وبناء مجتمع حول العلامة التجارية

يبني التسويق من خلال المؤثرين مجتمعاً نشطاً حول العلامة التجارية، من خلال تشجيع الجمهور على المشاركة والتفاعل، ويُفضل الرد على التعليقات وإعادة نشر المحتوى الذي يشاركه المؤثرون لتعزيز الروابط بين العلامة التجارية والمستهلكين.

7. تقييم النتائج وتحسين الاستراتيجية

يُفضَّل بعد كل حملة جمع التغذية الراجعة وتحليل ما نجح وما يمكن تحسينه؛ إذ يوفر المؤثرون رؤى مباشرة حول اتجاهات الجمهور وخياراتهم المفضلة، مما يساعد على تطوير حملات أكثر كفاءة في المستقبل.

في الختام

أصبح التسويق بالمؤثرين ركيزة أساسية للعلامات التجارية؛ إذ يوفر لها وصولاً أكثر تأثيراً إلى الجمهور، ولتحقيق النجاح، يجب التركيز على الأصالة، وبناء علاقات طويلة الأمد، والاستفادة من البيانات لضمان فعالية الحملات، ومع استمرار تطور العالم الرقمي، سيشكِّل المؤثرون توجهات السوق ويعززون نمو العلامات التجارية.