كيف تصبح مسوقا ناجحا عبر شبكات التواصل الاجتماعي
لا شك أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي هي إحدى أهم منصات التواصل اليوم؛ ذلك لأنَّها طريقة يتواصل بها الناس مع أصدقائهم وعائلاتهم، والبقاء على اطلاع على آخر التوجهات والأخبار وأحدث الميول السائدة؛ إذ يستخدم أكثر من نصف سكان هذا الكوكب وسائل التواصل الاجتماعي، ويتواصل عدد أكبر من الأشخاص عبرها أكثر من أي قناة أخرى على الإنترنت، كما تُسهم في إتمام عمليات شراء أكثر من أي قناة أخرى؛ لكن على الرغم من ذلك، لا تزال عديدٌ من الشركات تواجه صعوبة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ ينخفض مدى وصولها الاجتماعي، وتتراجع نسبة النقر (click through rate) على الإعلانات التجارية التي تنشرها في مواقع التواصل الاجتماعي، ولا تزال عديدٌ من الشركات تقلل من قيمة متابعيها على تلك المواقع.
بالنسبة إلى الشركات التي تستخدم الشبكات الاجتماعية بنجاح للتفاعل على نحو أفضل مع المتابعين، فإنَّ مقاييس مواقع التواصل الاجتماعي هي أكثر من مجرد أداة لإثبات تأثير استخدام القناة، وعند استخدامها بشكل صحيح، توفِّر حلاً مثالياً لتحقيق أكبر تأثير عبر هذه المنصات.
نستعرض فيما يلي ثلاث طرائق تساعدك فيها مقاييس مواقع التواصل الاجتماعية كي تصبح مسوِّقاً أفضل:
1. تعزيز الوصول المجاني إلى المحتوى
لا يمكن أن تنجح في التسويق إن لم يتلقَ أحد رسائلك، ومن المحتمل أنَّ منشوراتك تصل إلى حوالي 5٪ من متابعيك فقط؛ هذا هو سبب اعتبار المسوقين عبر شبكات التواصل الاجتماعي وكبار المديرين التنفيذيين، تراجع الوصول المجاني إلى المحتوى أكبر مخاوفهم حين يفكرون في مستقبل وسائل التواصل الاجتماعي.
الطريقة الوحيدة لحل هذه المشكلة هي عبر استخدام مقاييس فعَّالة لمواقع التواصل الاجتماعي؛ إذ يعدُّ تفاعل الناس مع المحتوى الذي تنشره دليلاً على أنَّ المحتوى قادر على الوصول إلى جمهور أوسع. ورغم المساعدة البسيطة التي تتيحها الشركات الخاصة بمنصات التواصل الاجتماعي بأفضل الأحوال، مثل إدراج الصور أو مقاطع الفيديو في منشوراتك، إلا أنَّه في النهاية يتفاعل الناس مع أنواع مختلفة من المحتوى الذي تنشره علامات تجارية مختلفة على منصات اجتماعية مختلفة.
أنشأ "المتحف البريطاني" (The British Museum) حساباته الاجتماعية الأولى على موقع "تويتر" (Twitter) وموقع "فيسبوك" (Facebook) في عام 2009، وتلتها حساباته على موقع "إنستغرام" (Instagram) وموقع "يوتيوب" (YouTube)؛ حيث انصبَّ تركيزه في البداية على نشر المحتوى نفسه على قنوات متعددة، لكن بعد إجراء تقييم لحسابات المتحف على مواقع التواصل الاجتماعية، حدد الفريق المسؤول عنها فرصاً لتطوير محتوى خاص بكل قناة اجتماعية، بحيث تُستخدَم كل منها على أفضل وجه.
بعد تحليل أداء صيغ المحتوى المختلفة على منصات وسائط اجتماعية مختلفة، بدأ المشرفون على حسابات المتحف اتباع أسلوب مختلف؛ على سبيل المثال: يستخدمون الآن خاصية البث المباشر "فيسبوك لايف" (Facebook Live) لعرض مجموعات المتحف في أكثر من 75 دولة حول العالم، كما تعاونوا مع شركة "أوكولوس في آر" (Oculus VR) للعمل على مشروع تجريبي لإطلاق أول تجربة تفاعلية بتقنية 360 درجة باستخدام الواقع الافتراضي مباشرةً على موقع "فيسبوك" (Facebook)؛ ومنذ اتباع هذا الأسلوب المستند على المقاييس، ازداد عدد متابعي المتحف بنسبة 141٪ على موقع "تويتر" (Twitter) و123٪ على موقع "إنستغرام" (Instagram) و20٪ على موقع "فيسبوك" (Facebook).
لذلك، بينما قد تعتمد على حدسك وخبرتك في البداية، تبقى المقاييس هي الطريقة الصحيحة لتعزيز الوصول والتفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي؛ فبمجرد اختيار النقاط التي تعتقد أنَّها ستجذب جمهورك، جرِّب أفكارك وحدد المنشورات التي تولد أكبر قدر من التفاعل والمشاركات، وتترك أقوى انطباع تبعاً للمنصة، ثم استمر في التجريب والتعلُّم والتحسين؛ وتذكَّر، يمكن أن يُحسِّن تعزيز الوصول ولو بنسبة بسيطة أداءك على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير.
2. تحديد مستوى أداء الإعلانات على شبكات التواصل الاجتماعي
تركِّز الشركات الآن أكثر من أي وقت مضى على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق نتائج قابلة للقياس؛ في الواقع، اثنان من أهم ثلاثة أهداف للمسوقين عبر شبكات التواصل الاجتماعي مرتبطان بالأداء، فمن المتوقع أن يُنفق المسوقون في الولايات المتحدة أكثر من 40 مليار دولار على الإعلانات عبر شبكات التواصل الاجتماعي هذا العام؛ لكن، في حين ترتفع ميزانية الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي، ينخفض أداؤها. في الواقع، انخفضت نسبة النقر على إعلانات مواقع التواصل الاجتماعي إلى 30٪ في العام الماضي؛ لذا إن كنت ترغب في أن تحقق إعلاناتك على شبكات التواصل الاجتماعي جودة الأداء نفسها التي تحققها قنواتك الرقمية الأخرى، يجب أن تستثمر أموالك بصورة صحيحة.
مع تغيُّر نوع طلبات المستهلكين في أثناء الحجر الصحي بسبب الجائحة، عدَّلت شركة مستحضرات العناية بالبشرة والتجميل والعطور الفاخرة "كلارنس" (Clarins) ميزانياتها التسويقية وفقاً لتوجهات الطلب الجديدة؛ إذ إنَّها خفَّضت مخصصات المكياج بسبب تراجع الطلب عليه، وركزت عوضاً عن ذلك على مستحضرات العناية في البشرة؛ وبعد نجاح المحتوى الجديد في زيادة التفاعل، حوَّل فريق التسويق انتباهه إلى البحث عن طرائق لتحويل حركة مرور البيانات نحو موقع الشركة الإلكتروني وزيادة المبيعات التجارية الإلكترونية.
طوَّر فريق التواصل الاجتماعي للشركة، مُستنِداً إلى المواضيع الرائجة في البحث وعلى القنوات الاجتماعية، استراتيجية إعلان على الشبكات الاجتماعية تسلط الضوء على الحسوم على منتجات العناية في البشرة بغية جذب العملاء الذين قد يواجهون ضائقة مالية، وحققت هذه الاستراتيجية الجديدة نجاحاً باهراً، وسرعان ما أصبحت الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي أحد أبرز الاستثمارات الإعلامية للعلامة التجارية "كلارنس" (Clarins).
بحلول نهاية الربع السنوي، جذبت الإعلانات على شبكات التواصل الاجتماعي 30000 زيارة إلى موقع الشركة الإلكتروني، وحققت نسبة نقر تتجاوز بكثير المعيار الذي هو 0.2٪ وبتكلفة منخفضة للنقرة؛ على سبيل المثال، حقق إعلان ملمِّع شفاه واحد نسبة نقر قدرها 0.7٪، إضافة إلى زيادة بنسبة 42٪ أسبوعياً في أداء المبيعات، وذلك بفضل الإعلانات على شبكات التواصل الاجتماعي فحسب.
بعد إطلاق الشركة خدمة الاستشارات "كلارنس آند مي" (Clarins & Me) بفترة قصيرة، لاحظ الفريق أنَّها لاقت صدى بين الزبائن، حيث فاق متوسط حجم طلبات الاستشارات القادمة من الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي، متوسط الطلبات من العملاء الذين يتصفحون ويتسوقون على موقع الشركة الإلكتروني بكثير؛ إذ عززت شركة "كلارنس" (Clarins) فاعلية الحملة عبر تحويل الدعم المادي إلى الإعلانات عن خدمة الاستشارات والاستثمار، وذلك لجذب الأشخاص الذين يكتشفونها لأول مرة، وحققت نسبة نقر قدرها 0.6٪ بتكلفة منخفضة نسبياً للنقرة الواحدة مقارنة بحملاتها الإعلامية الأخرى.
3. تعزيز أداء الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي
يمكن للتقييم حين يتم بصوة صحيحة إثبات فاعلية استخدام قنوات التواصل الاجتماعي؛ ربما تعتقد أنَّه لا يمكن تقييم الأداء على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنَّ هذا غير صحيح. في النهاية، تخدم البرامج على مواقع التواصل الاجتماعي جماهير مختلفة خلال كامل دورة حياة العميل (customer life cycle)، ويفسر هذا الأمر سبب مواجهة 6 من كل 10 من مديري حسابات التواصل الاجتماعي صعوبة في تحديد قيمة عائد الاستثمار (ROI)، فلا يستطيع ثلث مديري التسويق العالميين (CMOs) إثبات قيمة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، لكن لا داعي لتكون الأمور بهذه الصعوبة، فالتسويق عبر البحث والبريد الإلكتروني والتسويق التلفزيوني مجالات معقدة أيضاً، ومع ذلك تعلَّم العاملون فيها كيفية قياس القيمة التي يحققونها.
المفتاح الناجح لقياس مواقع التواصل الاجتماعي هو اختيار معايير بسيطة؛ حيث تعجُّ المنصات الاجتماعية بمؤشرات الأداء (KPIs) الرئيسة الجديدة والمصممة خصيصاً لكل منصة، لكنَّ رب عملك يعرف بالفعل ويثق بالمقاييس متعددة المنصات، مثل عائد الإنفاق على الإعلانات (return-on-ad-spend) الذي يقيس كم يجني عملك التجاري من كل عملة مالية ينفقها، وقيمة بقاء العميل (lifetime value) الذي يُستخدم في التنبؤ بصافي الربح الذي ستنتجه كامل العلاقة المستقبلية مع العميل، حيث ترتبط هذه التقييمات مباشرة بأهداف شركتك التجارية، ولهذا يحقق المسوقون نتائج أفضل عند تقييم الأداء على مواقع التواصل الاجتماعي باستخدام النماذج نفسها التي تستخدمها قنوات التسويق الأخرى.
يمكن أن تساعدك الأدوات المناسبة في الربط بين بيانات التحويل من الموقع (on-site conversion)، مثل: استكمال ملء استبيانات العملاء المحتملين وتأكيدات الشراء، وبين منصات اجتماعية مختلفة أو حسابات أو حتى منشورات محددة؛ فبهذه الطريقة، يمكنك مقارنة أداء التسويق النهائي عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالنتائج التي تحققها من التسويق عبر البحث والبريد الإلكتروني والقنوات الرقمية الأخرى.
سنواجه دوماً تحديات جديدة عند استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، لكن تذكَّر أنَّ المقياس الفعَّال هو أداة تتبع تقدمك، وهو أيضاً الأداة التي تجعل ذلك التقدم ممكناً.