أهمية التعاون مع صانعي المحتوى في تطوير المنتجات
يُحبُّ الجميعُ صانعي المحتوى؛ من المسوقين وصولاً إلى مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، ووفقاً لاستطلاع جس نبض أجرتهُ شركة سبراوت (Sprout) في الربع الأول من عام 2023؛ يُخطِّط أكثر من ثلثَي المسوقين 79% لإنفاق ما يصل إلى 50% من إجمالي ميزانياتهم الاجتماعية على صانعي المحتوى، كما يتعامل 39% من المسوقين مع صانعي المحتوى على أساس شهري؛ أي أخذ صانعو المحتوى الرقمي يغيرون استراتيجية العلامة التجارية نحو الأفضل.
لكنَّ تأثير وسائل التواصل الاجتماعي لم يَعُد يقتصر على أقسام التسويق فقط؛ بل يمتد إلى جميع مهام العمل الأخرى، وربما ينطبق الأمر ذاته على تأثير صانعي المحتوى، ومن الواضح أنَّ صانعي المحتوى لن يصبحوا يوماً جزءاً من فريق خدمة العملاء لديك، ولكنَّ معرفتهم المتعمِّقة بالجمهور - الذي قد يمثِّل عملاءك المستقبليين - قد تكون مفيدة جداً.
لقد بدأت الشركات اليوم تستفيد من صانعي المحتوى في عملية المبيعات من خلال التسويق بالعمولة، وربما قد حان الوقت للتعاون معهم في إحدى مهام العمل الرئيسة في شركتك؛ وهي تطوير المنتجات.
فوائد التعاون مع صانعي المحتوى:
يمتلك صانعو المحتوى منصات يفهمون جمهورهم من خلالها، إنَّهم يعرفون ما يريد جمهورهم رؤيته والمشكلات التي يواجهونها والقصص التي تهمهم، وهذه المعرفة هي أساس أبحاث المنتجات وتصميمها.
هذه المعرفة هي كنزٌ لا يُقدَّر بثمن؛ والذي يمكن للعلامات التجارية الاستفادة منه، ففي النهاية؛ فإنَّ قراءة تعليقات الناس على فيديو نشرهُ صانع المحتوى تقدِّم لك فكرةً أوضح من أي استطلاع رسمي أو مجموعة تركيز.
في عالم تعتمد فيه الشركات بشكل متزايد على البيانات المستمدة من الوسائط الاجتماعية؛ يمكن لصانعي المحتوى تقديم تحليلات نوعية تُكمِّل النتائج الكمية التي تحصل عليها من الاستماع الاجتماعي.
إذا لم تستفدْ ممَّا يقدمه لك صانعو المحتوى من معلومات قيِّمة، فقد يستفيدون منها هم أنفسهم، فالشخص الذي يمكنك التعاون معه اليوم قد يصبح بسهولة منافساً لك غداً. لقد رأينا العشرات من صانعي المحتوى يستغلون تحليلات المستهلكين وقاعدة العملاء الحالية لإنشاء علامات تجارية مستقلة وناجحة.
على سبيل المثال أَطلقَت صانعة المحتوى إيما تشامبرلين (Emma Chamberlain) شركة القهوة الخاصة بها في عام 2020، وحصلَت على تمويل أولي قدره 7 ملايين دولار من المستثمرين؛ لذا فإنَّ التعاون مع صانعي المحتوى قبل أن يقرروا تأسيس شركاتهم الخاصة يُلغي المنافسة قبل ظهورها.
أمثلة حقيقية عن التعاون مع صانعي المحتوى:
تُعَدُّ فكرة ضم صانعي المحتوى إلى فريق تطوير المنتجات فكرة جديدة، ولكنَّها مجرَّبة من قبل، ولقد شهدنا تعاوناً ناجحاً في المجالات المختلفة التي كانت مفيدة لكل من الشركة وصانع المحتوى.
1. مجموعة شاتر فلاي كوليكتيف (The Shutterfly Collective):
أطلقَ متجر شاتر فلاي - وهو متجر عبر الإنترنت متخصص في بيع منتجات مُصمَّمة على ذوق المستهلك - مجموعة شاتر فلاي كوليكتيف؛ وهي مجموعة محدودة صمَّمها صانعو المحتوى في تموز/ يوليو عام 2022؛ حيث جمعوا بعض صنَّاع المحتوى المشهورين مثل بريتاني بروسكي (Brittany Broski) وكريس أولسن (Chris Olsen) وسيرينا كيريجان (Serena Kerrigan) وإلسا ماجيمبو (Elsa Majimbo) مع مصممين لإنشاء أكثر من 4000 تصميم جديد لزبائنهم، واستفاد المتجر من ذوق صانعي المحتوى هؤلاء ومعرفتهم العميل لإنشاء تصميمات جذابة لمنتجاتهم الجديدة.
2. تابيثا براون فور تارجت (Tabitha Brown for Target):
لقد برزت تابيثا براون (Tabitha Brown) على الساحة كصانعة محتوى في عام 2020 لأنَّها تجمع الشخصية اللطيفة والذوق الأنيق؛ حيث بدأت بمشاركة وصفات لأطباق نباتية على وسائل التواصل الاجتماعي، وسرعان ما حصلَت على الكثير من المتابعين لكثرة لطفها وصدق شخصيتها، وعندما أدرك متجر تارجت (Target) مدى شهرتها، تواصل معها فوراً لإقامة شراكة غير مسبوقة؛ والتي تشمل كل قسم من المتجر تقريباً.
تتضمَّن هذه الشراكة الملابس والسلع المنزلية واللوازم المكتبية والطعام وأدوات المطبخ. كل قطعة مستوحاة من شخصيتها المنفتحة والجذابة والتزامها ببيع منتجات صحية، واستمرت هذه الشراكة لمدة عامين وقد أحبها الناس كثيراً.
3. تاباسكو إكس تينكس (Tabasco x Tinx):
قد يستخدم العملاء منتجاتك بطرائق لا تخطر في بالك؛ على سبيل المثال كانت شركة تاباسكو (Tabasco) تبيع الصلصة الحارة منذ عام 1869، وطيلة هذا الوقت أَعدُّوا مختلفَ الأنواع من الصلصة، ولكنَّهم التزموا بهذا المنتج فقط.
لكنَّ صانعة المحتوى كريستينا نجار (Christina Najarr) - المعروفة باسم تينكس (Tinx) على وسائل التواصل الاجتماعي - قد نشرت مقطع فيديو أضافت فيه الغواكامولي إلى صلصة تاباسكو الخضراء؛ مما لفت انتباه العلامة التجارية القديمة، وكانت نتيجة التعاون المشترَك منتجاً جديداً تماماً للشركة؛ ألا وهو صلصة الأفوكادو الخضراء الحارة.
كيفية إشراك صانعي المحتوى في عملية تطوير المنتجات:
إذا أَلهمتكَ هذه الأمثلة بما يكفي لإشراك صانعي المحتوى في عملية تطوير منتجاتك، فإليك بعض النصائح التي يجب أن تبدأ بها:
1. ابدأ بالبيانات:
كما يقولون إنَّ الأشياء التي تعرفها ليست هامة؛ بل الأشخاص الذين تعرفهم، ومن المحتمل أن تكون لديك قائمة طويلة من صانعي المحتوى الذين تعاملتَ معهم في الماضي. تفحَّص البيانات الخاصة بكل تعاون ولاحظْ بعض الأنماط المشتركة.
ما هي الحملات التي كانت الأكثر نجاحاً؟ مَن هم صانعو المحتوى الذين يؤثرون في الجمهور الذي تحاول الوصول ليه؟ ما هي التوجهات الثابتة التي تلاحظها عند التعاون مع صانعي المحتوى؟ هذه المعلومات قيِّمة جداً لتحديد صانع المحتوى الأنسب للتعاون معه.
2. كوِّن نوعاً جديداً من مجموعات التركيز:
إنَّ جمهور صانعي المحتوى هو مجموعة تركيز حية، ويعرف صانعو المحتوى تماماً آراء جمهورهم؛ مما قد يساعدك على توفير بعض التكاليف والوقت الذي تستغرقه عملية تطوير منتجك.
إذا تعاونتَ مع صانعي المحتوى المناسبين في وقت مبكِّر، فيمكنك اختصار بعض الخطوات والوصول إلى منتج جاهز بسرعة أكبر بكثير، وإذا قال صانع المحتوى إنَّ شيئاً ما سينجح، فعليك الوثوق فيه. من الواضح أنَّك ستظل بحاجة إلى اختبار المنتج، لكنْ يجب أن تجعل صانع المحتوى مصدراً أساسياً للمعلومات والإلهام.
3. اخترْ صانع محتوى مناسباً:
لا تشرع في التعاون مع صانعي المحتوى لمجرد تجربة الأمر فقط؛ بل تأكَّد من أنَّك تعمل مع شخص يناسب شركتك وجمهورك وعملية تطوير منتجاتك. استغرقَ الأمر عامين حتى وسَّعَ متجر تارجت تعاونه مع تابيثا براون ليشمل متجرهم بالكامل، فخُذْ وقتك وتأكَّد من أنَّك تقدم منتجات يريدها جمهورك حقاً.
تذكَّر أنَّ عدد المتابعين الأكبر ليس العامل الأهم، وعندما تتعاون مع صانع محتوى من الأفضل أن تختار شخصاً لديه فهم عميق لجمهوره ووجهات نظر مؤثرة بدلاً من صانع محتوى لديه عدد أكبر من المتابعين، وستُحقِّق أعظم الفوائد عندما تتعاون مع صانعي محتوى يتمتعون بمكانة محددة وواضحة.
4. تعامَلْ مع صانعي المحتوى على قدم المساواة:
رغم أنَّك خبير في منتجاتك، إلَّا أنَّ هذا لا يعني أنَّك ستهيمن على التعاون، ويتمتع صانعو المحتوى بصلة مباشرة مع جمهورك؛ مما يجعلهم الخبراء في تحديد رغبات الناس. سيضعون أسماءَهم على المنتج ويخاطرون بسمعتهم مثلك تماماً؛ لذلك عليك التعامل معهم كشركاء متساوين.